... ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷﺛﻨﺎء كانت ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ اﻟﻌﺒﻴﺪﻳﻴﻦ (اﻟﻤﻠﻘﺒﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻴﻦ)، ﻭﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺳﻨﺔ (358ﻫـ) 969ﻣ ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﻻﺣﺘﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪاﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ، ﺛﻢ ﺁﻟﺖ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻊ ﺷﻤﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﺑﻞ ﻭاﻣﺘﺪ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﺇﻟﻰ اﻟﺸﺎﻡ ﻭاﻟﺤﺠﺎﺯ.
.. اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺒﻐﺪاﺩﻱ في كتابه( الفرْقُ بين الفِرق) ﺃﻭﺟﺰ ﻋﺪاﻭﺓ اﻟﻔﺮﻕ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻟﻹﺳﻼﻡ ﻭاﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻘﺎﻝ:
«اﻋﻠﻤﻮا -ﺃﺳﻌﺪﻛﻢ اﻟﻠﻪ- ﺃﻥ ﺿﺮﺭ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻕ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺿﺮﺭ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭاﻟﻤﺠﻮﺱ, ﺑﻞ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺮﻳﺔ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺃﺻﻨﺎﻑ اﻟﻜﻔﺮﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ,
ﺑﻞ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺿﺮﺭ اﻟﺪﺟﺎﻝ (من وجهة نظره) اﻟﺬﻱ ﻳﻈﻬﺮ ﺁﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎﻥ؛ ﻷﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﺿﻠﻮا ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺪﻋﻮﺓ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻭﻗﺖ ﻇﻬﻮﺭ ﺩﻋﻮﺗﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﺪﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﻭﻗﺖ ﻇﻬﻮﺭﻩ؛ ﻷﻥ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﺪﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎ, ﻭﻓﻀﺎﺋﺢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ اﻟﺮﻣﻞ ﻭاﻟﻘﻄﺮ».
اﻟﻌﺒﻴﺪﻳﻮﻥ ﻃﺎﺋﻔﺔ باطنية ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ، ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻜﻞ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮ، ﻭﻳﺤﺮﻓﻮﻥ ﺗﺤﺮﻳﻔﺎﺗﻬﻢ ﻭﺃﺷﺪ،
.. ﻳﺪﻋﻮﻥ اﻟﻨﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻨﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -، ﻭﻛﺬﺑﻮا ﻓﻲ ﺫﻟﻚ،
ﺑﻞ ﻧﺴﺒﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ اﻟﻴﻬﻮﺩ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮﺏ وثارت حوله الشكوك، وقد دعى له أبو عبدالله الشيعي في القيروان بعد السيطرة عليها وانهزام دولة الأغالبة فيها..
وكانوا يدعون أنه هو المهدي المنتظر والمخلص للأمة مما هي فيه وبئس ما يدعون.. ،(اسمه ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﻬﺪﻱ) وهو الذي تنسب إليه الدولة العبيدية..
... اﻧﺘﺸﺮﻭا ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﻭﺃﻗﺎﻣﻮا ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ، وكذبوا في ذلك..
ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺧﺒﻴﺜﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﻭاﺿﻄﻬﺎﺩﻫﻢ، ﻭﺃﺫاﻗﺖ اﻟﻨﺎﺱ اﻟﻌﺬاﺏ ﺃﻟﻮاﻧﺎ، ﻭﺃﻇﻬﺮﺕ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﻖ ﻭاﻟﻔﺠﻮﺭ ﻭاﻟﻤﻨﻜﺮاﺕ، ﻭﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭاﻷﺧﻼﻕ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺨﻴﻞ..
ينتسبون ﺟﻤﻴﻌﺎ إلى ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺇﺣﺪﻯ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﻤﻨﺸﻘﺔ ﻋﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭاﻟﻤﻨﺘﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎﺩﻕ؛
ﻳﻘﻮﻝ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ: ﺇﻥ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺴﺎﺑﻊ عندهم ﻫﻮ (ابن جعفر الصادق) والذي يسمىﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ.
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻻﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮﻳﺔ: ﺇﻥ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻫﻮ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﻜﺎﻇﻢ اﻻﺑﻦ اﻵﺧﺮ ﻟﻹﻣﺎﻡ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎﺩﻕ.
.. يزعمون ﻓﻲ ﺃﺋﻤﺘﻬﻢ ﺃﺷﻴﺎء ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻭﺧﻮاﺭﻕ ﻣﻨﻜﺮﺓ، ﻭﻭﺻﻞ اﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ اﺩﻋﺎﺋﻬﻢ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﺣﻞ ﻓﻲ ﺃﺋﻤﺘﻬﻢ - ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻋﻠﻮا ﻛﺒﻴﺮا - ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﺩﻋﻰ اﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﻭﻟﻴﺲ اﻟﻨﺒﻮﺓ..
ﻭﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮﻫﻢ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﻠﻪ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺯﻋﻴﻤﺎ ﻟﺪﻭﻟﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﺧﺎﻃﺒﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ:
ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻻ ماﺷﺎءﺕ اﻷﻗﺪاﺭ *** ﻓﺎﺣﻜﻢ ﻓﺄﻧﺖ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻘﻬﺎﺭ
لبئس ما قدمت لهم أنفسهم..
.. ﺃﻧﺸﺄ (المعز لدين الله الشيعي) اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻷﺯﻫﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻟﻴﻨﺸﺮ ﺳﻤﻮﻣﻬﻢ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ،.. ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﺳﺐ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻞ ﻭاﻷﻧﺒﻴﺎء، ﺑﻞ ﻭﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -؛
.. ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﻬﺪﻱ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاﻕ: "اﻟﻌﻨﻮا ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺑﻌﻠﻬﺎ، اﻟﻌﻨﻮا اﻟﻐﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﺣﻮﻯ".
ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ﻋﻨﻖ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺣﺐ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺃﻭ ﻋﻤﺮ، ﻭﻳﻘﻄﻌﻮﻥ ﻟﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ اﻷﺫاﻥ (ﺣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼﺡ)؛
ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﺒﺪﻟﻮﻥ ﺑﻬﺎ (ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ اﻟﻌﻤﻞ)،
ﻭﻣﻨﻜﺮاﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻄﻮﻟﺔ ﻣﺴﺠﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎﺭﻳﺦ.
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ، ﺑﻞ ﻭﺇﻧﻬﺎ اﻧﻘﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ (487ﻫـ) 1094ﻣ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻓﻲ ﺧﻠﻴﻔﺘﻬﻢ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ،
ﻭﺗﻜﻮﻧﺖ ﻓﺮﻗﺘﺎﻥ ﻛﺒﻴﺮﺗﺎﻥ؛ اﻷﻭﻟﻰ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻦ ﺑﻤﺼﺮ ﻭﺗﺤﻜﻤﻬﺎ، ﻭﻫﻲ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻴﺔ (ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ).
ﺃﻣﺎ اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺃﺷﺪ ﺷﺮا ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻭﻫﻲ ﻓﺮﻗﺔ اﻟﻨﺰاﺭﻳﺔ، ﻭﻫﻲ اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﺰاﺭ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ ﺃﺧﻲ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ، ﻭﻫﺬﻩ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺃﻟﻐﺖ اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ،
ﻭاﻣﺘﻨﻌﻮا ﻋﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ اﻟﻔﺮاﺋﺾ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻇﻠﻮا ﻳﺪﻋﻮﻥ اﻹﺳﻼﻡ، (لا أدري كيف ذلك..؟ لكن هذا ما يدعونه)
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﻤﻬﻢ اﻷﻛﺒﺮ ﻗﺘﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﻭﻣﺠﺎﻫﺪﻳﻬﻢ،
ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺃﺛﺮ ﺳﻠﺒﻲ ﺷﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺎﺕ اﻟﺠﻬﺎﺩ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺇﺧﺮاﺝ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺆﻻء اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺣﺮﺏ ﻭﺣﺼﻮﻥ ﻭﻗﻼﻉ، ﻭﺑﺄﺱ ﺷﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﺘﺎﻝ، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﻨﻮﻥ ﺣﺮﻭﺏ اﻟﻌﺼﺎﺑﺎﺕ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮﻯ اﻵﻣﻨﺔ، ﻭﻋﺎﺛﻮا ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻓﺴﺎﺩا، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﺃﺷﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺮﻭﻡ ﻭاﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ.
.
ﺃﻣﺎ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻜﻢ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺃﻭاﺧﺮ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻬﺠﺮﻱ، ﺃﻳﺎﻡ ﻗﺪﻭﻡ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻴﺔ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﻓﻘﺪﻭا اﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﻤﺎﻝ ﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﺼﺮ،
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺃﻃﻤﺎﻉ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ اﻟﺸﺎﻡ ﻭﻓﻠﺴﻄﻴﻦ؛
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺣﺮﻭﺏ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻣﻊ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ اﻟﺴﻨﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﻤﺎﻧﻌﻮﻥ ﺃﺑﺪا ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ اﻟﺮﻭﻡ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﻴﻦ ﺗﺎﺭﺓ، ﻭﻣﻊ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺗﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ، ﻭاﻗﺘﻄﺎﻉ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺃﺭﺽ اﻟﺸﺎﻡ ﻭﻓﻠﺴﻄﻴﻦ.
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ اﻟﻮﺿﻊ ﻣﺆﺳﻔﺎ ﺣﻘﺎ! ﻭﻛﺎﻥ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﺼﺮﻱ ﺁﻧﺬاﻙ - ﻭﻋﻤﺎﺩﻩ ﻓﻲ اﻷﺳﺎﺱ اﻟﻌﺒﻴﺪﻳﻮﻥ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ - ﺷﻮﻛﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻖ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻇﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻇﻬﺮ ﻧﻮﺭ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻭﺻﻼﺡ اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻳﻮﺑﻲ، ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﻳﺎﺕ اﻷﺣﺪاﺙ ﺑﺈﺫﻥ اﻟﻠﻪ.
ﺇﺫﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ اﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺁﺳﻴﺎ اﻟﺼﻐﺮﻯ ﻭاﻟﺸﺎﻡ ﻭاﻟﻌﺮاﻕ ﻭﻣﺼﺮ، ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﺳﻴﺌﺎ ﻟﺴﺒﺐ ﺃﻭ ﻵﺧﺮ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ ﺃﻃﺮاﻑ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ.
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ اﻟﻐﺰﻧﻮﻳﻮﻥ ﻳﺴﻴﻄﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭاﻟﻬﻨﺪ،
ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ - ﻟﻷﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ - ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﺩﺧﻠﻮا ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺃﻓﻮﻟﻬﻢ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺿﻌﻔﺖ ﻗﻮﺗﻬﻢ ﺟﺪا ﻋﻦ ﻧﺼﺮﺓ ﺑﻼﺩ اﻟﺸﺎﻡ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺴﺎﻓﺎﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ اﻷﺭاﺿﻲ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﻴﻤﻦ ﻣﻘﺴﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺛﻼﺙ ﻃﻮاﺋﻒ ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮﻭﺏ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ اﻟﺘﺸﻴﻊ، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪﻳﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﻻء ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ اﻟﻌﺒﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ..
ﺃﻣﺎ اﻟﻤﻜﺎﻥ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻬﺪ ﻗﻮﺓ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ، ﻓﻜﺎﻥ ﺑﻼﺩ اﻟﻤﻐﺮﺏ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭاﻷﻧﺪﻟﺲ؛
ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ اﻟﻔﺬ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ،
ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻘﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ اﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﺃﻧﺰﻝ ﺑﺎﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ اﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺷﻤﺎﻝ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻭﻓﺮﻧﺴﺎ اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺰﻻﻗﺔ ﺳﻨﺔ (479ﻫـ) 1086ﻣ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺑﻼﺩ اﻷﻧﺪﻟﺲ.
.. ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮﺓ - ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﻬﺎ - ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺑﻼﺩ اﻟﻤﺸﺮﻕ ﻓﻲ ﺣﺮﻭﺑﻬﻢ ﺿﺪ اﻟﺤﻤﻼﺕ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ،
ﻻ ﻟﺒﻌﺪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻓﻘﻂ ﻭﻟﻜﻦ ﻻﻧﺸﻐﺎﻟﻬﻢ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺣﺮﺏ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺷﻤﺎﻝ اﻷﻧﺪﻟﺲ، ﻭاﻟﻮﺛﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﻭﺳﻄﻬﺎ.
ﻓﻬﺬﻩ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺃﻭاﺧﺮ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻬﺠﺮﻱ (ﺃﻭاﺧﺮ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼﺩﻱ)،
ﻭﻫﻮ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺬﻱ ﻣﻬﺪ ﻟﺪﺧﻮﻝ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻗﻠﻨﺎ،
لم يكن ﺩﺧﻮﻝ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ - ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺘﺒﻴﻦ - ﺭاﺟﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺗﻬﻢ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻲ اﻷﺳﺎﺱ ﻟﻀﻌﻔﻨﺎ، ﻭﻓﺮﻗﺔ ﺻﻔﻨﺎ، ﻭﺗﺸﺘﺖ ﻗﻮﺗﻨﺎ، ﻭﺑﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻨﺎ، ﻭﻫﻲ ﻋﻮاﻣﻞ ﻣﻬﻠﻜﺔ ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﺒﻴﺐ،
ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮﻫﺎ ﻋﺎﻗﻞ.
#د_أسامة_محمد
.. اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺒﻐﺪاﺩﻱ في كتابه( الفرْقُ بين الفِرق) ﺃﻭﺟﺰ ﻋﺪاﻭﺓ اﻟﻔﺮﻕ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻟﻹﺳﻼﻡ ﻭاﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻘﺎﻝ:
«اﻋﻠﻤﻮا -ﺃﺳﻌﺪﻛﻢ اﻟﻠﻪ- ﺃﻥ ﺿﺮﺭ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻕ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺿﺮﺭ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭاﻟﻤﺠﻮﺱ, ﺑﻞ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺮﻳﺔ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺃﺻﻨﺎﻑ اﻟﻜﻔﺮﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ,
ﺑﻞ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺿﺮﺭ اﻟﺪﺟﺎﻝ (من وجهة نظره) اﻟﺬﻱ ﻳﻈﻬﺮ ﺁﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎﻥ؛ ﻷﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﺿﻠﻮا ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺪﻋﻮﺓ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻭﻗﺖ ﻇﻬﻮﺭ ﺩﻋﻮﺗﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﺪﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﻭﻗﺖ ﻇﻬﻮﺭﻩ؛ ﻷﻥ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﺪﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎ, ﻭﻓﻀﺎﺋﺢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ اﻟﺮﻣﻞ ﻭاﻟﻘﻄﺮ».
اﻟﻌﺒﻴﺪﻳﻮﻥ ﻃﺎﺋﻔﺔ باطنية ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ، ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻜﻞ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮ، ﻭﻳﺤﺮﻓﻮﻥ ﺗﺤﺮﻳﻔﺎﺗﻬﻢ ﻭﺃﺷﺪ،
.. ﻳﺪﻋﻮﻥ اﻟﻨﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻨﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -، ﻭﻛﺬﺑﻮا ﻓﻲ ﺫﻟﻚ،
ﺑﻞ ﻧﺴﺒﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ اﻟﻴﻬﻮﺩ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮﺏ وثارت حوله الشكوك، وقد دعى له أبو عبدالله الشيعي في القيروان بعد السيطرة عليها وانهزام دولة الأغالبة فيها..
وكانوا يدعون أنه هو المهدي المنتظر والمخلص للأمة مما هي فيه وبئس ما يدعون.. ،(اسمه ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﻬﺪﻱ) وهو الذي تنسب إليه الدولة العبيدية..
... اﻧﺘﺸﺮﻭا ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﻭﺃﻗﺎﻣﻮا ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ، وكذبوا في ذلك..
ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺧﺒﻴﺜﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﻭاﺿﻄﻬﺎﺩﻫﻢ، ﻭﺃﺫاﻗﺖ اﻟﻨﺎﺱ اﻟﻌﺬاﺏ ﺃﻟﻮاﻧﺎ، ﻭﺃﻇﻬﺮﺕ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﻖ ﻭاﻟﻔﺠﻮﺭ ﻭاﻟﻤﻨﻜﺮاﺕ، ﻭﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭاﻷﺧﻼﻕ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺨﻴﻞ..
ينتسبون ﺟﻤﻴﻌﺎ إلى ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺇﺣﺪﻯ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﻤﻨﺸﻘﺔ ﻋﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭاﻟﻤﻨﺘﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎﺩﻕ؛
ﻳﻘﻮﻝ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ: ﺇﻥ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺴﺎﺑﻊ عندهم ﻫﻮ (ابن جعفر الصادق) والذي يسمىﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ.
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻻﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮﻳﺔ: ﺇﻥ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻫﻮ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﻜﺎﻇﻢ اﻻﺑﻦ اﻵﺧﺮ ﻟﻹﻣﺎﻡ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎﺩﻕ.
.. يزعمون ﻓﻲ ﺃﺋﻤﺘﻬﻢ ﺃﺷﻴﺎء ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻭﺧﻮاﺭﻕ ﻣﻨﻜﺮﺓ، ﻭﻭﺻﻞ اﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ اﺩﻋﺎﺋﻬﻢ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﺣﻞ ﻓﻲ ﺃﺋﻤﺘﻬﻢ - ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻋﻠﻮا ﻛﺒﻴﺮا - ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﺩﻋﻰ اﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﻭﻟﻴﺲ اﻟﻨﺒﻮﺓ..
ﻭﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮﻫﻢ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﻠﻪ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺯﻋﻴﻤﺎ ﻟﺪﻭﻟﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﺧﺎﻃﺒﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ:
ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻻ ماﺷﺎءﺕ اﻷﻗﺪاﺭ *** ﻓﺎﺣﻜﻢ ﻓﺄﻧﺖ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻘﻬﺎﺭ
لبئس ما قدمت لهم أنفسهم..
.. ﺃﻧﺸﺄ (المعز لدين الله الشيعي) اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻷﺯﻫﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻟﻴﻨﺸﺮ ﺳﻤﻮﻣﻬﻢ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ،.. ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﺳﺐ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻞ ﻭاﻷﻧﺒﻴﺎء، ﺑﻞ ﻭﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -؛
.. ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﻬﺪﻱ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاﻕ: "اﻟﻌﻨﻮا ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺑﻌﻠﻬﺎ، اﻟﻌﻨﻮا اﻟﻐﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﺣﻮﻯ".
ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ﻋﻨﻖ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺣﺐ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺃﻭ ﻋﻤﺮ، ﻭﻳﻘﻄﻌﻮﻥ ﻟﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ اﻷﺫاﻥ (ﺣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼﺡ)؛
ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﺒﺪﻟﻮﻥ ﺑﻬﺎ (ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ اﻟﻌﻤﻞ)،
ﻭﻣﻨﻜﺮاﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻄﻮﻟﺔ ﻣﺴﺠﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎﺭﻳﺦ.
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ، ﺑﻞ ﻭﺇﻧﻬﺎ اﻧﻘﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ (487ﻫـ) 1094ﻣ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻓﻲ ﺧﻠﻴﻔﺘﻬﻢ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ،
ﻭﺗﻜﻮﻧﺖ ﻓﺮﻗﺘﺎﻥ ﻛﺒﻴﺮﺗﺎﻥ؛ اﻷﻭﻟﻰ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻦ ﺑﻤﺼﺮ ﻭﺗﺤﻜﻤﻬﺎ، ﻭﻫﻲ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻴﺔ (ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ).
ﺃﻣﺎ اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺃﺷﺪ ﺷﺮا ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻭﻫﻲ ﻓﺮﻗﺔ اﻟﻨﺰاﺭﻳﺔ، ﻭﻫﻲ اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﺰاﺭ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ ﺃﺧﻲ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ، ﻭﻫﺬﻩ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺃﻟﻐﺖ اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ،
ﻭاﻣﺘﻨﻌﻮا ﻋﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ اﻟﻔﺮاﺋﺾ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻇﻠﻮا ﻳﺪﻋﻮﻥ اﻹﺳﻼﻡ، (لا أدري كيف ذلك..؟ لكن هذا ما يدعونه)
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﻤﻬﻢ اﻷﻛﺒﺮ ﻗﺘﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﻭﻣﺠﺎﻫﺪﻳﻬﻢ،
ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺃﺛﺮ ﺳﻠﺒﻲ ﺷﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺎﺕ اﻟﺠﻬﺎﺩ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺇﺧﺮاﺝ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺆﻻء اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺣﺮﺏ ﻭﺣﺼﻮﻥ ﻭﻗﻼﻉ، ﻭﺑﺄﺱ ﺷﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﺘﺎﻝ، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﻨﻮﻥ ﺣﺮﻭﺏ اﻟﻌﺼﺎﺑﺎﺕ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮﻯ اﻵﻣﻨﺔ، ﻭﻋﺎﺛﻮا ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻓﺴﺎﺩا، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﺃﺷﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺮﻭﻡ ﻭاﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ.
.
ﺃﻣﺎ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻜﻢ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺃﻭاﺧﺮ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻬﺠﺮﻱ، ﺃﻳﺎﻡ ﻗﺪﻭﻡ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻴﺔ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﻓﻘﺪﻭا اﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﻤﺎﻝ ﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﺼﺮ،
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺃﻃﻤﺎﻉ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ اﻟﺸﺎﻡ ﻭﻓﻠﺴﻄﻴﻦ؛
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺣﺮﻭﺏ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻣﻊ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ اﻟﺴﻨﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﻤﺎﻧﻌﻮﻥ ﺃﺑﺪا ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ اﻟﺮﻭﻡ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﻴﻦ ﺗﺎﺭﺓ، ﻭﻣﻊ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺗﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ، ﻭاﻗﺘﻄﺎﻉ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺃﺭﺽ اﻟﺸﺎﻡ ﻭﻓﻠﺴﻄﻴﻦ.
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ اﻟﻮﺿﻊ ﻣﺆﺳﻔﺎ ﺣﻘﺎ! ﻭﻛﺎﻥ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﺼﺮﻱ ﺁﻧﺬاﻙ - ﻭﻋﻤﺎﺩﻩ ﻓﻲ اﻷﺳﺎﺱ اﻟﻌﺒﻴﺪﻳﻮﻥ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ - ﺷﻮﻛﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻖ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻇﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻇﻬﺮ ﻧﻮﺭ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻭﺻﻼﺡ اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻳﻮﺑﻲ، ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﻳﺎﺕ اﻷﺣﺪاﺙ ﺑﺈﺫﻥ اﻟﻠﻪ.
ﺇﺫﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ اﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺁﺳﻴﺎ اﻟﺼﻐﺮﻯ ﻭاﻟﺸﺎﻡ ﻭاﻟﻌﺮاﻕ ﻭﻣﺼﺮ، ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﺳﻴﺌﺎ ﻟﺴﺒﺐ ﺃﻭ ﻵﺧﺮ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ ﺃﻃﺮاﻑ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ.
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ اﻟﻐﺰﻧﻮﻳﻮﻥ ﻳﺴﻴﻄﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭاﻟﻬﻨﺪ،
ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ - ﻟﻷﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ - ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﺩﺧﻠﻮا ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺃﻓﻮﻟﻬﻢ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺿﻌﻔﺖ ﻗﻮﺗﻬﻢ ﺟﺪا ﻋﻦ ﻧﺼﺮﺓ ﺑﻼﺩ اﻟﺸﺎﻡ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺴﺎﻓﺎﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ اﻷﺭاﺿﻲ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﻴﻤﻦ ﻣﻘﺴﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺛﻼﺙ ﻃﻮاﺋﻒ ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮﻭﺏ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ اﻟﺘﺸﻴﻊ، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪﻳﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﻻء ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ اﻟﻌﺒﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ..
ﺃﻣﺎ اﻟﻤﻜﺎﻥ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻬﺪ ﻗﻮﺓ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ، ﻓﻜﺎﻥ ﺑﻼﺩ اﻟﻤﻐﺮﺏ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭاﻷﻧﺪﻟﺲ؛
ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ اﻟﻔﺬ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ،
ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻘﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ اﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﺃﻧﺰﻝ ﺑﺎﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ اﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺷﻤﺎﻝ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻭﻓﺮﻧﺴﺎ اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺰﻻﻗﺔ ﺳﻨﺔ (479ﻫـ) 1086ﻣ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺑﻼﺩ اﻷﻧﺪﻟﺲ.
.. ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮﺓ - ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﻬﺎ - ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺑﻼﺩ اﻟﻤﺸﺮﻕ ﻓﻲ ﺣﺮﻭﺑﻬﻢ ﺿﺪ اﻟﺤﻤﻼﺕ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ،
ﻻ ﻟﺒﻌﺪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻓﻘﻂ ﻭﻟﻜﻦ ﻻﻧﺸﻐﺎﻟﻬﻢ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺣﺮﺏ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺷﻤﺎﻝ اﻷﻧﺪﻟﺲ، ﻭاﻟﻮﺛﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﻭﺳﻄﻬﺎ.
ﻓﻬﺬﻩ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺃﻭاﺧﺮ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻬﺠﺮﻱ (ﺃﻭاﺧﺮ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼﺩﻱ)،
ﻭﻫﻮ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺬﻱ ﻣﻬﺪ ﻟﺪﺧﻮﻝ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻗﻠﻨﺎ،
لم يكن ﺩﺧﻮﻝ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ - ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺘﺒﻴﻦ - ﺭاﺟﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺗﻬﻢ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻲ اﻷﺳﺎﺱ ﻟﻀﻌﻔﻨﺎ، ﻭﻓﺮﻗﺔ ﺻﻔﻨﺎ، ﻭﺗﺸﺘﺖ ﻗﻮﺗﻨﺎ، ﻭﺑﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻨﺎ، ﻭﻫﻲ ﻋﻮاﻣﻞ ﻣﻬﻠﻜﺔ ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﺒﻴﺐ،
ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮﻫﺎ ﻋﺎﻗﻞ.
#د_أسامة_محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق