أرسل ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺜﺎﻣﻦ -ﺃﺣﺪ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺴﺎﺩﺱ - ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ أمير دولة الموحدين بالمغرب والأندلس.. ﻳﺴﺘﻔﺰﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﻳﻬﺪﺩﻩ..
... مزق اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺜﺎﻣﻦ، ﻭﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺰء ﻣﻨﻪ ﺭﺩا ﺃﻋﺎﺩﻩ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻟﻪ..
ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ: اﺭﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻠﻨﺄﺗﻴﻨﻬﻢ ﺑﺠﻨﻮﺩ ﻻ ﻗِﺒَﻞَ ﻟﻬﻢ ﺑﻬﺎ، ﻭﻟﻨﺨﺮﺟﻨﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺫﻟﺔً ﻭﻫﻢ ﺻﺎﻏﺮﻭﻥ..)
ﻭﺃﻋﻠﻦ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭاﻻﺳﺘﻨﻔﺎﺭ اﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺭﺑﻮﻉ اﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭاﻟﺼﺤﺮاء، ﻭﻧﺸﺮ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺜﺎﻣﻦ؛
ﻟﻴﺤﻤﺴﻬﻢ، ﻭﺗﺴﺎﺑﻖ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ في سبيل الله..
ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻭﻗﺒﻠﻪ ﺑﺴﻨﻮاﺕ ﺟﺎءﺕ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮﻕ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﺘﺤﻤﺴﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ، ﻭﻫﻮ اﻧﺘﺼﺎﺭ ﺻﻼﺡ اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻳﻮﺑﻲ اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ ﺣﻄﻴﻦ اﻟﺨﺎﻟﺪﺓ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ (583هـ)
ﻓﺤﻔﺰ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ؛ رجاء ﺃﻥ يتكرر لهم ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮﻕ.. كما (حطين) ..
.. انطلقت اﻟﺠﻴﻮﺵ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮﺏ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭاﻟﺼﺤﺮاء ﻓﻲ ﺳﻨﺔ (591ﻫـ) لتعبر ﻣﻀﻴﻖ ﺟﺒﻞ ﻃﺎﺭﻕ ﻣﺘﺠﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻟﺘﻠﺘﻘﻲ ﻣﻊ ﺟﻴﺶ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﺟﺪا ﻓﻲ اﻟﺘﺎﺭﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﺳﻤﻬﺎ ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻷﺭﻙ ﻓﻲ (9) ﺷﻌﺒﺎﻥ ﺳﻨﺔ (591) ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮﺓ.
ﻭاﻷﺭﻙ ﺣﺼﻦ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ في اﻟﺤﺪﻭﺩ ﺑﻴﻦ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ﻭاﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ..
ﺃﻋﺪ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﺟﻴﺸﺎ اﺳﺘﻌﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﻤﻤﻠﻜﺘﻲ ﻟﻴﻮﻥ ﻭﻧﺎﻓﺎﺭ ﻭﺑﺠﻴﻮﺵ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻭﺇﻧﺠﻠﺘﺮا ﻭﻫﻮﻟﻨﺪا، ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ﺟﻴﺶ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻮﻗﻌﺔ (225) ﺃﻟﻒ ﺻﻠﻴﺒﻲ وقيل (200) ألف وقيل أقل من ذلك بقليل،
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﻬﻢ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻓﻲ اﻟﺠﻴﺶ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻭا ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺃﺳﺎﺭﻯ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻷﻧﻬﻢ يتوقعون ﻧﺼﺮا ﻛﺒﻴﺮا ﺟﺪا ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺃﺳﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﻓﺄﺭاﺩﻭا ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻭهم ليبيعوهم ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ.
ﺃﻋﺪ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺟﻴﺸﺎ ﻗﻮاﻣﻪ (200) ﺃﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ، وقيل أقل من ذلك وقيل مثل عدد جيش النصارى..
(الروايات الأوربية تزعم أنهم 600 ألف مقاتل مسلم وهذا باطل..)
.. ﺩﺧﻞ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻷﺭﻙ وﻋﻤﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺟﺪا ﺃﻭ ﻣﺠﻠﺴﺎ اﺳﺘﺸﺎﺭﻳﺎ ﻳﺄﺧﺬ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﺁﺭاء اﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﻫﺬا ﻧﺴﻖ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎﺩﺓ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺩﻭﻟﺔ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﺑﺎﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻓﻲ اﻵﺭاء،
ﻓﻬﺬا ﺃﻭﻝ ﺃﻣﻴﺮ ﻳﻐﻴﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻭﻟﺔ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ، ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺭﺟﻼ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺞ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
استعان ﺑﻜﻞ اﻵﺭاء اﻟﻤﻄﺮﻭﺣﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻮاﺩ اﻟﺠﻴﺶ، ﻭﺃﺧﺬ ﺑﺮﺃﻱ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﻨﺎﺩﻳﺪ ﺯﻋﻴﻢ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﻤﻐﺮﺏ اﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ ﺩﻭﻟﺔ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺮﻭﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺟﻴﻮﺵ اﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﻘﻂ،
ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻷﺭﻙ ﺑﺪﺃ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﻳﻀﻢ ﻗﻮﺓ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺓ اﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ، ﻭﻗﻮﺓ اﻟﺒﺮﺑﺮ اﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺮاء، ﻓﺎﺳﺘﻌﺎﻥ ﺑﺂﺭاﺋﻬﻢ،
.. ﻭﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺟﺪا ﺑﺨﻄﺔ ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻟﺰﻻﻗﺔ، ﻗﺴﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻴﺶ ﻧﺼﻔﻴﻦ، ﺟﻌﻞ ﻧﺼﻔﻪ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ، ﻭﺃﺧﻔﻰ ﺟﺰءا ﻛﺒﻴﺮا ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺶ ﺧﻠﻒ اﻟﺘﻼﻝ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﺨﺘﻔﻲ ﺧﻠﻒ اﻟﺘﻼﻝ، ﻭاﺧﺘﺎﺭ ﺃﻣﻴﺮا ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﻫﻮ ﻛﺒﻴﺮ اﻟﻮﺯﺭاء ﺃﺑﻮ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻔﺺ، ﻭﻭﻟﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﻟـ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﻨﺎﺩﻳﺪ ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻮﻏﺮ ﺻﺪﻭﺭ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﻓﻼ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺮﺑﺮﻱ ﺃﻭ ﻣﻐﺮﺑﻲ.
.. ﻓﻲ ﺻﺒﺎﺡ ﻫﺬا اﻟﻴﻮﻡ، ﺃﺫاﻉ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﻴﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﻨﺪ، ﻟﻜﻲ ﻳﺬﻛﻲ ﺣﻤﺎﺳﺘﻬﻢ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ، ﺧﺒﺮ ﺣﻠﻢ ﺭﺁﻩ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻣﻔﺎﺩﻩ ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﻓﻲ ﻧﻮﻣﻪ ﻓﺎﺭﺳﺎ ﺑﻬﻲ اﻟﻄﻠﻌﺔ، ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺱ ﺃﺑﻴﺾ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﻓﺘﺢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء، ﻭﺑﻴﺪﻩ ﺭاﻳﺔ ﺧﻀﺮاء، ﻭﻗﺪ اﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻲ اﻵﻓﺎﻕ،
ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻟﻪ: ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻭﺇﻧﻪ ﺟﺎء ﻳﺒﺸﺮﻩ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﺑﺤﻮﻝ اﻟﻠﻪ... فانتشرت الرؤيا بين الجنود وكانت لها أكبر الأثر في نفوسهم ورفع معنوياتهم..
وأخذ الحماس يفور بين المجاهدين ﺟﻤﻴﻌﺎ وهم ﻳﻀﻄﺮﻣﻮﻥ ﺷﻮﻗﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻭﺣﻴﻦ ﻛﻤﻞ اﻟﺤﺸﺪ ﻗﺎﻝ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺠﻨﺪ ﺇﻥ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻜﻢ: "اﻏﻔﺮﻭا ﻟﻪ - ﻓﺈﻥ ﻫﺬا ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻐﻔﺮاﻥ - ﻭﺗﻐﺎﻓﺮﻭا ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻜﻢ، ﻭﻃﻴﺒﻮا ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﻭﺃﺧﻠﺼﻮا ﻟﻠﻪ ﻧﻴﺎﺗﻜﻢ" .
ﻓﺒﻜﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻋﻈﻤﻮا ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻮﻩ ﻣﻦ ﺃﻣﻴﺮﻫﻢ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﻤﺨﻠﺺ، ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻢ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﺑﻴﻨﻬﻢ.
ﻭﻗﺎﻡ ﻭﺧﻄﺐ ﻭﺣﺮﺽ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺑﻴﻦ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ، ﻭﺃﺧﺬ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻮاﻗﻌﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﺗﻨﻮﺭﺕ ﺑﺼﺎﺋﺮﻫﻢ، ﻭﺧﻠﺼﺖ ﻟﻠﻪ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ ﻭﺳﺮاﺋﺮﻫﻢ، ﻭﻗﻮﻳﺖ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻋﺰاﺋﻤﻬﻢ، ﻭﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ﻧﺠﺪﺗﻬﻢ ﻭﺇﻗﺪاﻣﻬﻢ..
وبدأت المعركة حين هبط فيلق من النصاري ﻛﺎﻟﺴﻴﻞ اﻟﺠﺎﺭﻑ اﻟﻤﻨﺪﻓﻊ ﻣﻦ أعلى ﺃﺳﺮاﺑﺎ ﺗﺘﻠﻮﻫﺎ ﺃﺳﺮاﺏ، ﻭﺃﻓﻮاﺟﺎ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﺃﻓﻮاﺝ، ﻟﻴﺲ ﺇﻻ اﻟﺼﻬﻴﻞ ﻭاﻟﻀﺠﻴﺞ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺪ.. وصعد ﻏﺒﺎﺭﻫﺎ اﻟﻰ اﻟﺠﻮ..
.. قال "ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ، اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﻟﺨﺎﺻﺘﻪ ﻭﻣﻦ ﻃﺎﻑ ﺑﻪ: ﺟﺪﺩﻭا ﻧﻴﺎﺗﻜﻢ ﻭﺃﺣﻀﺮﻭا ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﺛﻢ ﺗﺤﺮﻙ ﻭﺣﺪﻩ ﻭﺗﺮﻙ ﺳﺎﻗﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ، ﻭﺳﺎﺭ ﻣﻨﻔﺮﺩا ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺘﻪ ﻣﻘﺪﻣﺎ ﺑﺸﻬﺎﻣﺘﻪ ﻭﻧﺠﺪﺗﻪ، ﻭﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﻮﻑ ﻭاﻟﻘﺒﺎﺋﻞ، ﻭﺃﻟﻘﻰ اﻟﻴﻬﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻛﻼﻣﺎ ﻭﺟﻴﺰا ﻓﻲ اﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻭﻫﻢ ﻭاﻟﻨﻔﻮﺫ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻋﺎﺩ اﻟﻰ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﻭﺳﺎﻗﺘﻪ"
.. ﺭﺩ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻫﺠﻤﺎﺕ اﻟﻘﺸﺘﺎﻟﻴﻴﻦ ﻣﺮﺗﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻦ اﻟﻌﺮﺏ ﻭاﻟﺒﺮﺑﺮ اﺳﺘﻨﻔﺬﻭا ﺟﻤﻴﻊ ﻗﻮاﻫﻢ ﻟﺮﺩ ﻫﺬا اﻟﻬﺠﻮﻡ اﻟﺸﺮﺱ،
ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺰﺯﺕ ﺻﻔﻮﻑ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺑﻘﻮﻯ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﻫﺠﻤﻮا ﻟﻠﻤﺮﺓ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺿﺎﻋﻔﻮا ﺟﻬﻮﺩﻫﻢ ﻭاﻗﺘﺤﻤﻮا ﺻﻔﻮﻑ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻓﺮﻗﻮﻫﺎ، ﻭﻗﺘﻠﻮا ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭاﺿﻄﺮ اﻟﺒﺎﻗﻮﻥ ﺇﻟﻰ اﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ﻭاﻟﺘﺮاﺟﻊ، ﻭﺃﻛﺮﻡ اﻟﻠﻪ اﻵﻑ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ..
ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻔﺺ، اﻟﺬﻱ ﺳﻘﻂ ﺷﻬﻴﺪ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭاﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﻭاﻟﻌﺰﺓ ﻭاﻟﺒﺴﺎﻟﺔ، ﻭﻇﻦ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺣﺮﺯﻭا اﻟﻨﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺣﻄﻤﻮا ﻗﻠﺐ ﺟﻴﺶ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ..
.. ﻟﻜﻦ اﻟﺠﻨﺎﺡ اﻷﻳﻤﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﻨﺎﺩﻳﺪ اﻧﻘﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ اﻧﻘﻀﺎﺽ اﻷﺳﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﺴﺘﻪ ﻭﺃﺻﺎﺑﻮا ﻗﻠﺐ ﺟﻴﺸﻪ اﻟﻘﺸﺘﺎﻟﻲ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺩاﻣﻐﺔ
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻠﻚ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ﻳﻘﻮﺩ ﻗﻠﺐ ﺟﻴﺸﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻋﺸﺮﺓ ﺁﻻﻑ ﻓﺎﺭﺱ،
.. اﺳﺘﻤﺮﺕ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻭﻫﻲ ﺣﺎﻣﻴﺔ اﻟﻮﻃﻴﺲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻭاﺳﺘﺒﺪﻝ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﺩ، ﺑﺎﻻﻗﺪاﻡ ﻭاﻟﺸﺠﺎﻋﺔ، ﺣﺘﻰ ﺯﺣﻒ ﺯﻋﻴﻢ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﺮﺳﻪ ﻭﻗﻮاﺗﻪ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ، ﻭﺭﺩ ﺗﻘﺪﻡ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ اﻟﻘﺸﺘﺎﻟﻴﻴﻦ ﻭاﺿﻄﺮﻫﻢ ﺇﻟﻰ اﻟﻔﺮاﺭ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ اﻧﺘﻈﺎﻡ..
ﻟﻢ ﻳﻐﺎﺩﺭ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻭﻓﺮﺳﺎﻧﻪ ﻋﺸﺮﺓ اﻵﻻﻑ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ، ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻬﻢ ﺃﻗﺴﻤﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﺄﻥ ﻳﻤﻮﺗﻮا ﻭﻻ ﻳﺘﻘﻬﻘﺮﻭا، ﻓﺎﺳﺘﻤﺮﺕ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ اﺿﻄﺮاﻣﻬﺎ اﻟﻤﺮﻭﻉ، ﻭاﻟﻔﺮﻳﻘﺎﻥ ﻳﻘﺘﺘﻼﻥ..
.. ﺃﻳﻘﻦ اﻟﻤﻮﺣﺪﻭﻥ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﺣﻴﻨﻤﺎ اﻧﺤﺼﺮﺕ اﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻲ فلول ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ اﻟﺘﻔﺖ ﺣﻮﻝ ﻣﻠﻚ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ.
ﻭﻫﺠﻢ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺟﻴﺸﻪ ﻟﻜﻲ ﻳﺠﻬﺰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺒﻘﻴﺔ، ﺃﻭ ﻳﻠﺠﺌﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻔﺮاﺭ، ﻓﻨﻔﺬ اﻟﻰ ﻗﻠﺐ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ، ﻭاﻟﻌﻠﻢ اﻷﺑﻴﺾ ﻳﺨﻔﻖ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻣﻨﻘﻮﺷﺎ ﻋﻠﻴﻪ: "ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻻﻏﺎﻟﺐ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ".
.. ﺗﺴﺎﻗﻂ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺣﻮﻝ ﻣﻠﻜﻬﻢ ﻣﺨﻠﺼﻴﻦ ﻟﻌﻬﺪﻫﻢ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻨﻬﻢ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻨﺠﻮ ﻭﺃﻥ ﺗﻘﺘﺎﺩ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﻤﻴﺪاﻥ، ﻭﺃﻥ ﺗﻨﻘﺬ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻴﺎﺗﻪ..
انتصر المسلمون انتصارا ساحقا على النصارى..
تذكر كتب التاريخ أن ﻋﺪﺩ ﻗﺘﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ (146) ﺃﻟﻒ ﻗﺘﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﺻﻞ (225) ﺃﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻞ، ﻭﻋﺪﺩ اﻷﺳﺮﻯ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺃﺳﻴﺮ
ﻭﻗﺪ ﻣﻦّ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﻐﻴﺮ ﻓﺪاء ﺇﻇﻬﺎﺭا ﻟﻌﻈﻤﺔ اﻹﺳﻼﻡ ﻭﺭﺃﻓﺘﻪ ﺑﻬﻢ، ﻭﻋﺪﻡ اﻛﺘﺮاﺛﻪ ﺑﻘﻮﺓ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ.
ﺃﻣﺎ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﻓﻼ ﺗﺤﺼﻰ؛ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ ﻋﺪﺩ اﻟﺨﻴﻮﻝ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧﻔﺢ اﻟﻄﻴﺐ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﺃﻟﻔﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻮﻝ، ﻭﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﻦ اﻟﺒﻐﺎﻝ ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻡ، ﻭﻗﺪ ﻭﺯﻉ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﻮاﻝ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﺪﺕ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻴﺶ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺧﻤﺎﺱ،
ﻭاﺳﺘﻐﻞ اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻣﺴﺠﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺟﺪا ﻓﻲ ﺇﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ﺗﺨﻠﻴﺪا ﻟﺬﻛﺮﻯ اﻷﺭﻙ، ﻭﺃﻧﺸﺄ ﻟﻪ ﻣﺌﺬﻧﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻬﺎ (200) ﻣﺘﺮ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻤﺂﺫﻥ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ..
اﺭﺗﻔﻌﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ، ﻭﻫﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﻮﺓ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ، ﻭاﺭﺗﻔﻌﺖ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻼﺩ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺣﺘﻰ ﺃﻋﺘﻘﺖ اﻟﺮﻗﺎﺏ اﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮﻕ ﻭاﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﺮﺣﺎ ﺑﻬﺬا اﻻﻧﺘﺼﺎﺭ،
.. أتت اﻟﺴﻔﺎﺭاﺕ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺗﻄﻠﺐ اﻟﻌﻬﺪ ﻭاﻻﺗﻔﺎﻕ ﻣﻊ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮﻫﺎ ﺳﻔﺎﺭﺓ ﺇﻧﺠﻠﺘﺮا اﻟﺘﻲ ﺃﺗﺖ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﻓﻲ ﺃﻭاﺧﺮ ﺃﻳﺎﻣﻪ، ﻭاﺳﺘﻤﺮﺕ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻔﺘﻮﺡ ﻭﻓﺘﺢ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺼﻮﻥ اﻷﺧﺮﻯ، ﻭﺿﻤﻮا اﻟﺸﻤﺎﻝ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ..
أقيمت ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ﻭﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ اﻟﻬﺪﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮاﺕ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ (595ﻫـ) ﺇﻟﻰ ﺳﻨﺔ (605ﻫـ) ﻓﻼ اﻗﺘﺘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﺤﺎﻭﻝ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﺐ اﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ.
كانت هذه ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻷﺭﻙ ﻓﻲ (9) ﺷﻌﺒﺎﻥ ﺳﻨﺔ (591هـ) .
للإستزادة في العلم :
((... ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ هو أمير دولة الموحدين الذي قام بالأمر ﺃﺣﺴﻦ ﻗﻴﺎﻡ، ﻓﺮﻓﻊ ﺭاﻳﺔ اﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻭﻧﺼﺐ ﻣﻴﺰاﻥ اﻟﻌﺪﻝ، ﻭﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭ اﻟﺪﻳﻦ ﻭاﻟﻮﺭﻉ، ﻭاﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ، ﻭﻏﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻮﺏ اﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ، ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﻬﺪﻭء ﻭاﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻒ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻴﻘﻀﻲ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭاﻟﻀﻌﻴﻒ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺆﻡ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ اﻟﺼﻠﻮاﺕ اﻟﺨﻤﺲ، ﻭﻛﺎﻥ ﺯاﻫﺪا ﺟﺪا ﻳﻠﺒﺲ اﻟﺼﻮﻑ اﻟﺨﺸﻦ ﻣﻦ اﻟﺜﻴﺎﺏ،
ﻭﺃﻗﺎﻡ اﻟﺤﺪﻭﺩ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﻋﺸﻴﺮﺗﻪ، ﻓﺎﺳﺘﻘﺎﻣﺖ اﻷﺣﻮاﻝ ﻓﻲ اﻟﺒﻼﺩ ﻭﻋﻈﻤﺖ اﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ.
ﻛﺎﻥ ﺣﺎﺯﻣﺎ ﺟﺪا ﻭﺣﻠﻴﻤﺎ ﺟﺪا، ﺣﺎﺭﺏ اﻟﺨﻤﻮﺭ ﺑﺸﺪﺓ، ﻭاﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﻄﺐ ﻭاﻟﻬﻨﺪﺳﺔ، ﻭﺃﻟﻐﻰ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮاﺕ اﻟﻌﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺃﻭاﺧﺮ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ﻭﺃﻭاﺋﻞ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ، ﻭﺃﺳﻘﻂ اﻟﺪﻳﻮﻥ ﻋﻦ اﻷﻓﺮاﺩ، ﻭﺯاﺩ ﺑﺸﺪﺓ ﻓﻲ ﻋﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء، ﻭﻣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ اﺑﻦ ﺣﺰﻡ اﻟﻈﺎﻫﺮﻱ، ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺱ، ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﺣﺮﻕ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﺮﻭﻉ، ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﻭﻛﺘﺐ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ...
اﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﺮاﻥ ﺑﺸﺪﺓ، ﻓﺄﻧﺸﺄ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﺑﺎﻁ، ﻭﺳﻤﺎﻫﺎ ﺭﺑﺎﻁ اﻟﻔﺘﺢ، ﻭﺃﻧﺸﺄ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ، ﻭﻏﺮﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎﺭ، ﻭﺧﺼﺺ اﻷﻣﻮاﻝ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺮﻳﺾ ﻟﺸﺮاء اﻷﺩﻭﻳﺔ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﻌﻮﺩ اﻟﻤﺮﺿﻰ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻳﻔﺮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺮﻳﻤﺎ ﺟﺪا ﻣﻊ اﻟﻔﻘﺮاء، ﻓﻘﺪ ﻭﺯﻉ ﻓﻲ ﻋﻴﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﺎﺓ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء،
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺠﻠﺴﻪ ﺩاﺋﻤﺎ ﻋﺎﻣﺮا ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭﺃﻫﻞ اﻟﺨﻴﺮ، ﺫﻛﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺮ: ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﻴﺪ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ، ﻭﻳﻨﺎﻇﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﺼﻴﺤﺎ ﻣﻬﻴﺒﺎ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺯﻱ اﻟﺰﻫﺎﺩ ﻭاﻟﻌﻠﻤﺎء، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻤﻠﻮﻙ، ﺗﻮﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ (25) ﺳﻨﺔ ﻓﻘﻂ.)).
#د_أسامة_محمد
... مزق اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺜﺎﻣﻦ، ﻭﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺰء ﻣﻨﻪ ﺭﺩا ﺃﻋﺎﺩﻩ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻟﻪ..
ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ: اﺭﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻠﻨﺄﺗﻴﻨﻬﻢ ﺑﺠﻨﻮﺩ ﻻ ﻗِﺒَﻞَ ﻟﻬﻢ ﺑﻬﺎ، ﻭﻟﻨﺨﺮﺟﻨﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺫﻟﺔً ﻭﻫﻢ ﺻﺎﻏﺮﻭﻥ..)
ﻭﺃﻋﻠﻦ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭاﻻﺳﺘﻨﻔﺎﺭ اﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺭﺑﻮﻉ اﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭاﻟﺼﺤﺮاء، ﻭﻧﺸﺮ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺜﺎﻣﻦ؛
ﻟﻴﺤﻤﺴﻬﻢ، ﻭﺗﺴﺎﺑﻖ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ في سبيل الله..
ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻭﻗﺒﻠﻪ ﺑﺴﻨﻮاﺕ ﺟﺎءﺕ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮﻕ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﺘﺤﻤﺴﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ، ﻭﻫﻮ اﻧﺘﺼﺎﺭ ﺻﻼﺡ اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻳﻮﺑﻲ اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ ﺣﻄﻴﻦ اﻟﺨﺎﻟﺪﺓ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ (583هـ)
ﻓﺤﻔﺰ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ؛ رجاء ﺃﻥ يتكرر لهم ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮﻕ.. كما (حطين) ..
.. انطلقت اﻟﺠﻴﻮﺵ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮﺏ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭاﻟﺼﺤﺮاء ﻓﻲ ﺳﻨﺔ (591ﻫـ) لتعبر ﻣﻀﻴﻖ ﺟﺒﻞ ﻃﺎﺭﻕ ﻣﺘﺠﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻟﺘﻠﺘﻘﻲ ﻣﻊ ﺟﻴﺶ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﺟﺪا ﻓﻲ اﻟﺘﺎﺭﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﺳﻤﻬﺎ ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻷﺭﻙ ﻓﻲ (9) ﺷﻌﺒﺎﻥ ﺳﻨﺔ (591) ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮﺓ.
ﻭاﻷﺭﻙ ﺣﺼﻦ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ في اﻟﺤﺪﻭﺩ ﺑﻴﻦ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ﻭاﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ..
ﺃﻋﺪ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﺟﻴﺸﺎ اﺳﺘﻌﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﻤﻤﻠﻜﺘﻲ ﻟﻴﻮﻥ ﻭﻧﺎﻓﺎﺭ ﻭﺑﺠﻴﻮﺵ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻭﺇﻧﺠﻠﺘﺮا ﻭﻫﻮﻟﻨﺪا، ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ﺟﻴﺶ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻮﻗﻌﺔ (225) ﺃﻟﻒ ﺻﻠﻴﺒﻲ وقيل (200) ألف وقيل أقل من ذلك بقليل،
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﻬﻢ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻓﻲ اﻟﺠﻴﺶ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻭا ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺃﺳﺎﺭﻯ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻷﻧﻬﻢ يتوقعون ﻧﺼﺮا ﻛﺒﻴﺮا ﺟﺪا ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺃﺳﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﻓﺄﺭاﺩﻭا ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻭهم ليبيعوهم ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ.
ﺃﻋﺪ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺟﻴﺸﺎ ﻗﻮاﻣﻪ (200) ﺃﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ، وقيل أقل من ذلك وقيل مثل عدد جيش النصارى..
(الروايات الأوربية تزعم أنهم 600 ألف مقاتل مسلم وهذا باطل..)
.. ﺩﺧﻞ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻷﺭﻙ وﻋﻤﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺟﺪا ﺃﻭ ﻣﺠﻠﺴﺎ اﺳﺘﺸﺎﺭﻳﺎ ﻳﺄﺧﺬ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﺁﺭاء اﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﻫﺬا ﻧﺴﻖ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎﺩﺓ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺩﻭﻟﺔ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﺑﺎﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻓﻲ اﻵﺭاء،
ﻓﻬﺬا ﺃﻭﻝ ﺃﻣﻴﺮ ﻳﻐﻴﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻭﻟﺔ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ، ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺭﺟﻼ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺞ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
استعان ﺑﻜﻞ اﻵﺭاء اﻟﻤﻄﺮﻭﺣﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻮاﺩ اﻟﺠﻴﺶ، ﻭﺃﺧﺬ ﺑﺮﺃﻱ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﻨﺎﺩﻳﺪ ﺯﻋﻴﻢ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﻤﻐﺮﺏ اﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ ﺩﻭﻟﺔ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺮﻭﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺟﻴﻮﺵ اﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﻘﻂ،
ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻷﺭﻙ ﺑﺪﺃ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﻳﻀﻢ ﻗﻮﺓ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺓ اﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ، ﻭﻗﻮﺓ اﻟﺒﺮﺑﺮ اﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺮاء، ﻓﺎﺳﺘﻌﺎﻥ ﺑﺂﺭاﺋﻬﻢ،
.. ﻭﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺟﺪا ﺑﺨﻄﺔ ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻟﺰﻻﻗﺔ، ﻗﺴﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻴﺶ ﻧﺼﻔﻴﻦ، ﺟﻌﻞ ﻧﺼﻔﻪ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ، ﻭﺃﺧﻔﻰ ﺟﺰءا ﻛﺒﻴﺮا ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺶ ﺧﻠﻒ اﻟﺘﻼﻝ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﺨﺘﻔﻲ ﺧﻠﻒ اﻟﺘﻼﻝ، ﻭاﺧﺘﺎﺭ ﺃﻣﻴﺮا ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﻫﻮ ﻛﺒﻴﺮ اﻟﻮﺯﺭاء ﺃﺑﻮ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻔﺺ، ﻭﻭﻟﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﻟـ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﻨﺎﺩﻳﺪ ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻮﻏﺮ ﺻﺪﻭﺭ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﻓﻼ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺮﺑﺮﻱ ﺃﻭ ﻣﻐﺮﺑﻲ.
.. ﻓﻲ ﺻﺒﺎﺡ ﻫﺬا اﻟﻴﻮﻡ، ﺃﺫاﻉ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﻴﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﻨﺪ، ﻟﻜﻲ ﻳﺬﻛﻲ ﺣﻤﺎﺳﺘﻬﻢ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ، ﺧﺒﺮ ﺣﻠﻢ ﺭﺁﻩ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻣﻔﺎﺩﻩ ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﻓﻲ ﻧﻮﻣﻪ ﻓﺎﺭﺳﺎ ﺑﻬﻲ اﻟﻄﻠﻌﺔ، ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺱ ﺃﺑﻴﺾ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﻓﺘﺢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء، ﻭﺑﻴﺪﻩ ﺭاﻳﺔ ﺧﻀﺮاء، ﻭﻗﺪ اﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻲ اﻵﻓﺎﻕ،
ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻟﻪ: ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻭﺇﻧﻪ ﺟﺎء ﻳﺒﺸﺮﻩ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﺑﺤﻮﻝ اﻟﻠﻪ... فانتشرت الرؤيا بين الجنود وكانت لها أكبر الأثر في نفوسهم ورفع معنوياتهم..
وأخذ الحماس يفور بين المجاهدين ﺟﻤﻴﻌﺎ وهم ﻳﻀﻄﺮﻣﻮﻥ ﺷﻮﻗﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻭﺣﻴﻦ ﻛﻤﻞ اﻟﺤﺸﺪ ﻗﺎﻝ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺠﻨﺪ ﺇﻥ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻜﻢ: "اﻏﻔﺮﻭا ﻟﻪ - ﻓﺈﻥ ﻫﺬا ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻐﻔﺮاﻥ - ﻭﺗﻐﺎﻓﺮﻭا ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻜﻢ، ﻭﻃﻴﺒﻮا ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﻭﺃﺧﻠﺼﻮا ﻟﻠﻪ ﻧﻴﺎﺗﻜﻢ" .
ﻓﺒﻜﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻋﻈﻤﻮا ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻮﻩ ﻣﻦ ﺃﻣﻴﺮﻫﻢ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﻤﺨﻠﺺ، ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻢ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﺑﻴﻨﻬﻢ.
ﻭﻗﺎﻡ ﻭﺧﻄﺐ ﻭﺣﺮﺽ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺑﻴﻦ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ، ﻭﺃﺧﺬ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻮاﻗﻌﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﺗﻨﻮﺭﺕ ﺑﺼﺎﺋﺮﻫﻢ، ﻭﺧﻠﺼﺖ ﻟﻠﻪ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ ﻭﺳﺮاﺋﺮﻫﻢ، ﻭﻗﻮﻳﺖ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻋﺰاﺋﻤﻬﻢ، ﻭﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ﻧﺠﺪﺗﻬﻢ ﻭﺇﻗﺪاﻣﻬﻢ..
وبدأت المعركة حين هبط فيلق من النصاري ﻛﺎﻟﺴﻴﻞ اﻟﺠﺎﺭﻑ اﻟﻤﻨﺪﻓﻊ ﻣﻦ أعلى ﺃﺳﺮاﺑﺎ ﺗﺘﻠﻮﻫﺎ ﺃﺳﺮاﺏ، ﻭﺃﻓﻮاﺟﺎ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﺃﻓﻮاﺝ، ﻟﻴﺲ ﺇﻻ اﻟﺼﻬﻴﻞ ﻭاﻟﻀﺠﻴﺞ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺪ.. وصعد ﻏﺒﺎﺭﻫﺎ اﻟﻰ اﻟﺠﻮ..
.. قال "ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ، اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﻟﺨﺎﺻﺘﻪ ﻭﻣﻦ ﻃﺎﻑ ﺑﻪ: ﺟﺪﺩﻭا ﻧﻴﺎﺗﻜﻢ ﻭﺃﺣﻀﺮﻭا ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﺛﻢ ﺗﺤﺮﻙ ﻭﺣﺪﻩ ﻭﺗﺮﻙ ﺳﺎﻗﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ، ﻭﺳﺎﺭ ﻣﻨﻔﺮﺩا ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺘﻪ ﻣﻘﺪﻣﺎ ﺑﺸﻬﺎﻣﺘﻪ ﻭﻧﺠﺪﺗﻪ، ﻭﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﻮﻑ ﻭاﻟﻘﺒﺎﺋﻞ، ﻭﺃﻟﻘﻰ اﻟﻴﻬﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻛﻼﻣﺎ ﻭﺟﻴﺰا ﻓﻲ اﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻭﻫﻢ ﻭاﻟﻨﻔﻮﺫ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻋﺎﺩ اﻟﻰ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﻭﺳﺎﻗﺘﻪ"
.. ﺭﺩ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻫﺠﻤﺎﺕ اﻟﻘﺸﺘﺎﻟﻴﻴﻦ ﻣﺮﺗﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻦ اﻟﻌﺮﺏ ﻭاﻟﺒﺮﺑﺮ اﺳﺘﻨﻔﺬﻭا ﺟﻤﻴﻊ ﻗﻮاﻫﻢ ﻟﺮﺩ ﻫﺬا اﻟﻬﺠﻮﻡ اﻟﺸﺮﺱ،
ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺰﺯﺕ ﺻﻔﻮﻑ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺑﻘﻮﻯ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﻫﺠﻤﻮا ﻟﻠﻤﺮﺓ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺿﺎﻋﻔﻮا ﺟﻬﻮﺩﻫﻢ ﻭاﻗﺘﺤﻤﻮا ﺻﻔﻮﻑ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻓﺮﻗﻮﻫﺎ، ﻭﻗﺘﻠﻮا ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭاﺿﻄﺮ اﻟﺒﺎﻗﻮﻥ ﺇﻟﻰ اﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ﻭاﻟﺘﺮاﺟﻊ، ﻭﺃﻛﺮﻡ اﻟﻠﻪ اﻵﻑ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ..
ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻔﺺ، اﻟﺬﻱ ﺳﻘﻂ ﺷﻬﻴﺪ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭاﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﻭاﻟﻌﺰﺓ ﻭاﻟﺒﺴﺎﻟﺔ، ﻭﻇﻦ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺣﺮﺯﻭا اﻟﻨﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺣﻄﻤﻮا ﻗﻠﺐ ﺟﻴﺶ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ..
.. ﻟﻜﻦ اﻟﺠﻨﺎﺡ اﻷﻳﻤﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﻨﺎﺩﻳﺪ اﻧﻘﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ اﻧﻘﻀﺎﺽ اﻷﺳﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﺴﺘﻪ ﻭﺃﺻﺎﺑﻮا ﻗﻠﺐ ﺟﻴﺸﻪ اﻟﻘﺸﺘﺎﻟﻲ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺩاﻣﻐﺔ
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻠﻚ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ﻳﻘﻮﺩ ﻗﻠﺐ ﺟﻴﺸﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻋﺸﺮﺓ ﺁﻻﻑ ﻓﺎﺭﺱ،
.. اﺳﺘﻤﺮﺕ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻭﻫﻲ ﺣﺎﻣﻴﺔ اﻟﻮﻃﻴﺲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻭاﺳﺘﺒﺪﻝ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﺩ، ﺑﺎﻻﻗﺪاﻡ ﻭاﻟﺸﺠﺎﻋﺔ، ﺣﺘﻰ ﺯﺣﻒ ﺯﻋﻴﻢ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﺮﺳﻪ ﻭﻗﻮاﺗﻪ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ، ﻭﺭﺩ ﺗﻘﺪﻡ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ اﻟﻘﺸﺘﺎﻟﻴﻴﻦ ﻭاﺿﻄﺮﻫﻢ ﺇﻟﻰ اﻟﻔﺮاﺭ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ اﻧﺘﻈﺎﻡ..
ﻟﻢ ﻳﻐﺎﺩﺭ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻭﻓﺮﺳﺎﻧﻪ ﻋﺸﺮﺓ اﻵﻻﻑ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ، ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻬﻢ ﺃﻗﺴﻤﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﺄﻥ ﻳﻤﻮﺗﻮا ﻭﻻ ﻳﺘﻘﻬﻘﺮﻭا، ﻓﺎﺳﺘﻤﺮﺕ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ اﺿﻄﺮاﻣﻬﺎ اﻟﻤﺮﻭﻉ، ﻭاﻟﻔﺮﻳﻘﺎﻥ ﻳﻘﺘﺘﻼﻥ..
.. ﺃﻳﻘﻦ اﻟﻤﻮﺣﺪﻭﻥ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﺣﻴﻨﻤﺎ اﻧﺤﺼﺮﺕ اﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻲ فلول ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ اﻟﺘﻔﺖ ﺣﻮﻝ ﻣﻠﻚ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ.
ﻭﻫﺠﻢ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺟﻴﺸﻪ ﻟﻜﻲ ﻳﺠﻬﺰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺒﻘﻴﺔ، ﺃﻭ ﻳﻠﺠﺌﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻔﺮاﺭ، ﻓﻨﻔﺬ اﻟﻰ ﻗﻠﺐ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ، ﻭاﻟﻌﻠﻢ اﻷﺑﻴﺾ ﻳﺨﻔﻖ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻣﻨﻘﻮﺷﺎ ﻋﻠﻴﻪ: "ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻻﻏﺎﻟﺐ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ".
.. ﺗﺴﺎﻗﻂ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺣﻮﻝ ﻣﻠﻜﻬﻢ ﻣﺨﻠﺼﻴﻦ ﻟﻌﻬﺪﻫﻢ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻨﻬﻢ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻨﺠﻮ ﻭﺃﻥ ﺗﻘﺘﺎﺩ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﻤﻴﺪاﻥ، ﻭﺃﻥ ﺗﻨﻘﺬ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻴﺎﺗﻪ..
انتصر المسلمون انتصارا ساحقا على النصارى..
تذكر كتب التاريخ أن ﻋﺪﺩ ﻗﺘﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ (146) ﺃﻟﻒ ﻗﺘﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﺻﻞ (225) ﺃﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻞ، ﻭﻋﺪﺩ اﻷﺳﺮﻯ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺃﺳﻴﺮ
ﻭﻗﺪ ﻣﻦّ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﻐﻴﺮ ﻓﺪاء ﺇﻇﻬﺎﺭا ﻟﻌﻈﻤﺔ اﻹﺳﻼﻡ ﻭﺭﺃﻓﺘﻪ ﺑﻬﻢ، ﻭﻋﺪﻡ اﻛﺘﺮاﺛﻪ ﺑﻘﻮﺓ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ.
ﺃﻣﺎ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﻓﻼ ﺗﺤﺼﻰ؛ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ ﻋﺪﺩ اﻟﺨﻴﻮﻝ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧﻔﺢ اﻟﻄﻴﺐ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﺃﻟﻔﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻮﻝ، ﻭﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﻦ اﻟﺒﻐﺎﻝ ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻡ، ﻭﻗﺪ ﻭﺯﻉ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﻮاﻝ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﺪﺕ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻴﺶ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺧﻤﺎﺱ،
ﻭاﺳﺘﻐﻞ اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻣﺴﺠﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺟﺪا ﻓﻲ ﺇﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ﺗﺨﻠﻴﺪا ﻟﺬﻛﺮﻯ اﻷﺭﻙ، ﻭﺃﻧﺸﺄ ﻟﻪ ﻣﺌﺬﻧﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻬﺎ (200) ﻣﺘﺮ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻤﺂﺫﻥ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ..
اﺭﺗﻔﻌﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ، ﻭﻫﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﻮﺓ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ، ﻭاﺭﺗﻔﻌﺖ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻼﺩ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺣﺘﻰ ﺃﻋﺘﻘﺖ اﻟﺮﻗﺎﺏ اﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮﻕ ﻭاﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﺮﺣﺎ ﺑﻬﺬا اﻻﻧﺘﺼﺎﺭ،
.. أتت اﻟﺴﻔﺎﺭاﺕ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺗﻄﻠﺐ اﻟﻌﻬﺪ ﻭاﻻﺗﻔﺎﻕ ﻣﻊ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮﻫﺎ ﺳﻔﺎﺭﺓ ﺇﻧﺠﻠﺘﺮا اﻟﺘﻲ ﺃﺗﺖ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ ﻓﻲ ﺃﻭاﺧﺮ ﺃﻳﺎﻣﻪ، ﻭاﺳﺘﻤﺮﺕ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻔﺘﻮﺡ ﻭﻓﺘﺢ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺼﻮﻥ اﻷﺧﺮﻯ، ﻭﺿﻤﻮا اﻟﺸﻤﺎﻝ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ..
أقيمت ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ﻭﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ اﻟﻬﺪﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮاﺕ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ (595ﻫـ) ﺇﻟﻰ ﺳﻨﺔ (605ﻫـ) ﻓﻼ اﻗﺘﺘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﺤﺎﻭﻝ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﺐ اﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ.
كانت هذه ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻷﺭﻙ ﻓﻲ (9) ﺷﻌﺒﺎﻥ ﺳﻨﺔ (591هـ) .
للإستزادة في العلم :
((... ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﻮﺣﺪﻱ هو أمير دولة الموحدين الذي قام بالأمر ﺃﺣﺴﻦ ﻗﻴﺎﻡ، ﻓﺮﻓﻊ ﺭاﻳﺔ اﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻭﻧﺼﺐ ﻣﻴﺰاﻥ اﻟﻌﺪﻝ، ﻭﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭ اﻟﺪﻳﻦ ﻭاﻟﻮﺭﻉ، ﻭاﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ، ﻭﻏﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻮﺏ اﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ، ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﻬﺪﻭء ﻭاﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻒ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻴﻘﻀﻲ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭاﻟﻀﻌﻴﻒ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺆﻡ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ اﻟﺼﻠﻮاﺕ اﻟﺨﻤﺲ، ﻭﻛﺎﻥ ﺯاﻫﺪا ﺟﺪا ﻳﻠﺒﺲ اﻟﺼﻮﻑ اﻟﺨﺸﻦ ﻣﻦ اﻟﺜﻴﺎﺏ،
ﻭﺃﻗﺎﻡ اﻟﺤﺪﻭﺩ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﻋﺸﻴﺮﺗﻪ، ﻓﺎﺳﺘﻘﺎﻣﺖ اﻷﺣﻮاﻝ ﻓﻲ اﻟﺒﻼﺩ ﻭﻋﻈﻤﺖ اﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ.
ﻛﺎﻥ ﺣﺎﺯﻣﺎ ﺟﺪا ﻭﺣﻠﻴﻤﺎ ﺟﺪا، ﺣﺎﺭﺏ اﻟﺨﻤﻮﺭ ﺑﺸﺪﺓ، ﻭاﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﻄﺐ ﻭاﻟﻬﻨﺪﺳﺔ، ﻭﺃﻟﻐﻰ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮاﺕ اﻟﻌﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺃﻭاﺧﺮ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ﻭﺃﻭاﺋﻞ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ، ﻭﺃﺳﻘﻂ اﻟﺪﻳﻮﻥ ﻋﻦ اﻷﻓﺮاﺩ، ﻭﺯاﺩ ﺑﺸﺪﺓ ﻓﻲ ﻋﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء، ﻭﻣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ اﺑﻦ ﺣﺰﻡ اﻟﻈﺎﻫﺮﻱ، ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺱ، ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﺣﺮﻕ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﺮﻭﻉ، ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﻭﻛﺘﺐ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ...
اﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﺮاﻥ ﺑﺸﺪﺓ، ﻓﺄﻧﺸﺄ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﺑﺎﻁ، ﻭﺳﻤﺎﻫﺎ ﺭﺑﺎﻁ اﻟﻔﺘﺢ، ﻭﺃﻧﺸﺄ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ، ﻭﻏﺮﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎﺭ، ﻭﺧﺼﺺ اﻷﻣﻮاﻝ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺮﻳﺾ ﻟﺸﺮاء اﻷﺩﻭﻳﺔ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﻌﻮﺩ اﻟﻤﺮﺿﻰ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻳﻔﺮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺮﻳﻤﺎ ﺟﺪا ﻣﻊ اﻟﻔﻘﺮاء، ﻓﻘﺪ ﻭﺯﻉ ﻓﻲ ﻋﻴﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﺎﺓ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء،
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺠﻠﺴﻪ ﺩاﺋﻤﺎ ﻋﺎﻣﺮا ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭﺃﻫﻞ اﻟﺨﻴﺮ، ﺫﻛﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺮ: ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﻴﺪ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ، ﻭﻳﻨﺎﻇﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﺼﻴﺤﺎ ﻣﻬﻴﺒﺎ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺯﻱ اﻟﺰﻫﺎﺩ ﻭاﻟﻌﻠﻤﺎء، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻤﻠﻮﻙ، ﺗﻮﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ (25) ﺳﻨﺔ ﻓﻘﻂ.)).
#د_أسامة_محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق