التاريخ يتكلم عن واقعنا المعاصر..

الثلاثاء، 18 يوليو 2017

14- هروب القائد محمد بن خوارزم شاه

أرسل هولاكو فرقة من ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻟﻔﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﺳﺎﻧﻪ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺯﻋﻴﻢ اﻟﺒﻼﺩ،
ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ: اﻃﻠﺒﻮا ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺷﺎﻩ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻮ ﺗﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء،..
وفي هذا  ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻭاﺿﺤﺔ ﺟﺪا ﺇﻟﻰ اﺳﺘﻬﺰاﺋﻪ ﺑـ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﻭﺃﻣﺘﻪ؛ ﻷﻥ ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ اﻟﻬﺰﻳﻞ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻜﺘﻴﺒﺔ اﻟﺘﺘﺮﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮﺓ، ﺳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﻘﺎﺭﻥ ﺑﻬﻢ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ.
ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﻭﺭﺟﻨﺪﺓ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺷﺎﻩ
 ﻭﻓﻮﺟﺊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ بهم ﺇﻟﻰ ﺟﻮاﺭﻫﻢ، ﻭﻣﻊ ﺃﻥ ﺃﻋﺪاﺩ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺟﺪا، ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﻣﻠﺌﻮا ﻣﻦ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﺭﻋﺒﺎ ﻭﺧﻮﻓﺎ، ولم ﻳﺼﺒﺢ ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ ﺇﻻ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻔﺮاﺭ..
قال اﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ: ﻭﺭﺣﻞ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺷﺎﻩ ﻻ ﻳﻠﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻧﻔﺮ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺘﻪ، ﻓﻘﺪ ﺟﻤﻊ ﺃﻗﺎﺭﺑﻪ ﻭﻣﺤﺒﻴﻪ ﻭﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻭاﺗﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻴﺴﺎﺑﻮﺭ، ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺇﻳﺮاﻥ اﻵﻥ..
 فطارده التتار ولحقوا به على مقربة من نيسابور، فتركها ﻭاﺗﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ أخرى ثم ثانية ثم ثالثة ثم رابعة ثم ﻫﺮب بسفينة ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﺒﺤﺮ، حتى وصل ﺇﻟﻰ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺑﺤﺮ ﻗﺰﻭﻳﻦ،
 ﻭﺭﺿﻲ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﻓﻘﺮ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﺻﻌﺒﺔ، ﻭﻫﻮ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺬﻱ ﻣﻠﻚ ﺑﻼﺩا ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻭﺃﻣﻮاﻻ ﻻ ﺗﻌﺪ،
 ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺭﺿﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﻳﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺕ، ﻭاﻟﻤﻮﺕ ﻻ ﻳﻔﺮ ﻣﻨﻪ ﺃﺣﺪ، ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﻣﺎﺕ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺷﺎﻩ ﻓﻲ ﺩاﺧﻞ اﻟﻘﻠﻌﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻭﺣﻴﺪا ﻃﺮﻳﺪا ﺷﺮﻳﺪا ﻓﻘﻴﺮا،
 ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺠﺪﻭا ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻨﻮﻩ ﺑﻪ، ﻓﻜﻔﻨﻮﻩ ﻓﻲ ﻓﺮاﺷﻪ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ..
المؤرخ اﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ يصف ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺷﺎﻩ..
 ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺪﺓ ﻣﻠﻜﻪ ﺇﺣﺪﻯ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻭﻋﺪﺓ ﺃﺷﻬﺮ، ﻭاﺗﺴﻊ ﻣﻠﻜﻪ، ﻭﻋﻈﻢ ﻣﺤﻠﻪ، ﻭﺃﻃﺎﻋﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻩ، ﻭﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﺣﺪ اﻟﻌﺮاﻕ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻛﺴﺘﺎﻥ، ﻭﻣﻠﻚ ﺑﻼﺩ ﻏﺰﻧﺔ -ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ- ﻭﺑﻌﺾ اﻟﻬﻨﺪ، ﻭﻣﻠﻚ ﺳﺠﺴﺘﺎﻥ ﻭﻛﺮﻣﺎﻥ -ﻭﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ- وأجزاء كبيرة في ﺇﻳﺮاﻥ-
ﻓﻜﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﺬﻱ ﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺘﺎﺭ.
 وقال: ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺒﻮﺭا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺐ ﻭﺇﺩﻣﺎﻥ اﻟﺴﻴﺮ، ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﻌﻢ ﻭﻻ ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺬاﺕ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮﻩ ﻭﺣﻔﻈﻪ ﻭﺣﻔﻆ ﺭﻋﺎﻳﺎﻩ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻓﺎﺿﻼ، ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻜﺮﻣﺎ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء، ﻣﺤﺒﺎ ﻟﻬﻢ، ﻣﺤﺴﻨﺎ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﻈﻤﺎ ﻷﻫﻞ اﻟﺪﻳﻦ، ﻣﻘﺒﻼ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻣﺘﺒﺮﻛﺎ ﺑﻬﻢ.
 ﻭﻫﺬا اﻟﻮﺻﻒ ﻟـ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺷﺎﻩ ﻳﻤﺜﻞ ﻟﻐﺰا ﻛﺒﻴﺮا، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ، ﺛﻢ ﺗﺤﺪﺙ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ اﻟﻬﺰاﺋﻢ اﻟﻤﻨﻜﺮﺓ؟
والإجابة ها هنا:
ﻳﻘﻮﻝ اﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ في موضع آخر:
 ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﻗﺪ اﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼﺩ، ﻭﻗﺘﻞ ﻣﻠﻮﻛﻬﺎ ﻭﺃﻓﻨﺎﻫﻢ (قتل كل المعارضين له) ، ﻭﺑﻘﻲ ﻫﻮ ﻭﺣﺪﻩ ﺳﻠﻄﺎﻥ اﻟﺒﻼﺩ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ، ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻬﺰﻡ ﻣﻦ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻓﻲ اﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﻳﻤﻨﻌﻬﻢ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﻳﺤﻤﻴﻬﺎ.
ﻭﻫﺬا اﻟﻨﺺ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻭاﺿﺢ ﻟﻤﺪﻯ اﻟﻤﺄﺳﺎﺓ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ.
ﻗﻄﻊ ﻛﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ اﻷﻗﻄﺎﺭ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻌﻬﺎ، ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻗﺎﺗﻠﻬﺎ اﻟﻮاﺣﺪﺓ ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﻣﻠﻮﻙ ﻫﺬﻩ اﻷﻗﻄﺎﺭ ﻭﻳﻀﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ، فخلف ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﻘﺎﺩا ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺳﻜﺎﻥ ﻫﺬﻩ اﻟﺒﻼﺩ،
 ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺣﺎﻛﻤﺎ ﺑﻘﻮﺗﻪ ﻻ ﺑﺤﺐ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻪ، ﻓﻠﻤﺎ اﺣﺘﺎﺝ ﻭاﻓﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻭاﻷﻋﻮاﻥ ﻟﻢ ﻳﺠﺪﻫﻢ،
ﺛﻢ ﻣﺎﺕ ﻃﺮﻳﺪا ﺷﺮﻳﺪا ﻭﺣﻴﺪا ﻓﻘﻴﺮا ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﺒﺤﺮ..
 وللحديث بقية.. إن شاء الله تعالى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox