التاريخ يتكلم عن واقعنا المعاصر..

الأحد، 23 يوليو 2017

استشهاد سيف الدين قطز (رحمه الله تعالى)

لم أرد حقيقة أن أكتب في تفاصيل مقتل سيف الدين قطز.. وذلك حتى لا أفسد فرحة الإنتصار في عين جالوت، والتي كانت مثالاً لانتصار الفئة المؤمنة على غريمتها الكافرة (المغول)..
إلا أنني أذكركم بما قلته سابقا.. في نبذة مختصرة عن المماليك :
... ﻛﺎﻥ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﻋﺮﺵ ﺳﻠﻄﻨﺔ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ـ اﻟﻘﺘﻞ، ﻭﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء..
.. اﻋﺘﻠﺖ ﺷﺠﺮﺓ اﻟﺪﺭ اﻟﻌﺮﺵ ﺑﻌﺪ اﻏﺘﻴﺎﻝ ﺗﻮﺭاﻧﺸﺎﻩ ﺁﺧﺮ ﺳﻼﻃﻴﻦ اﻻﻳﻮﺑﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ..
ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﻭﺯﻭﺟﻬﺎ ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﻳﺒﻚ ﻟﻘﻴﺎ ﺣﺘﻔﻬﻤﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺼﺮاﻉ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ..
.. وقد اغتيل في حكم المماليك (البحرية) فقط الذي يقدر ب 144 عام ما يقارب العشرة ملوك.. و عزل أو خلع  12 ملكا.. كل ذلك من أصل 29 ملك في هذه الفترة..
ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻃﻮاﻝ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ، ﻫﻲ ﻋﻤﺮ ﺩﻭﻟﺔ ﺳﻼﻃﻴﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ كلها ﺃﻥ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺴﻨﺔ ﺗﺒﺪﻳﻼ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻴﺔ ﻧﺘﺎﺟﺎ ﻟﻠﻈﺮﻭﻑ اﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮﺩ..
ﻭﺑﺴﺒﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺳﻼﻃﻴﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ، ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﻟﻤﺒﺪﺃ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻤﻦ ﻏﻠﺐ، اﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺪﻭﻟﺔ،
ﻛﺎﻥ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ﺃﻥ ﻳﻔﻜﺮ اﻷﻣﻴﺮ  ﺑﻴﺒﺮﺱ  ﻓﻲ ﺇﺯاﺣﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳﻴﻒ اﻟﺪﻳﻦ ﻗﻄﺰ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺻﻮﺏ ﻋﺮﺵ ﺳﻠﻄﻨﺔ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ،
.. ﺑﻴﺒﺮﺱ ﻇﻦ ﺃﻧﻪ ﺃﺣﻖ ﺑﺎﻟﻌﺮﺵ ﻣﻦ ﻗﻄﺰ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻭﺃﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺰﻳﻤﺔ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ اﻟﻤﻠﻚ ﻟﻮﻳﺲ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮاﺕ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭﺓ،
. ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﻫﺰﻳﻤﺔ اﻟﻤﻐﻮﻝ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺟﺎﻟﻮﺕ،
ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺃﻟﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﻣﺮ ﻃﻠﻴﻌﺔ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﻐﻮﻟﻲ، ﺛﻢ ﻃﺎﺭﺩ ﻓﻠﻮﻟﻪ اﻟﻤﻨﺴﺤﺒﺔ ﺣﺘﻰ ﺃﻋﺎﻟﻲ ﺑﻼﺩ اﻟﺸﺎﻡ،( ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﺒﺮﺱ اﺑﻦ ﻋﺼﺮﻩ) ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻷﻓﻜﺎﺭ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﺁﻧﺬاﻙ
.. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺷﻮﺭﻳﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎﺭ اﻟﺤﺎﻛﻢ،
ﻭﻏﺎﺏ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻹﺳﻼﻡ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ،
ﺃﻭ اﻟﻤﻠﻚ ﺃﻭ اﻟﺤﺎﻛﻢ،
والوحيد الذي أراد إرجاع الأمر إلى نصابه هو اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻗﻄﺰ رحمه الله تعالى ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻗﺘﻞ ﻗﺒﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ،
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺪﺣﺮ اﻟﻤﻐﻮﻝ ﻭﻳﺤﺮﺭ ﺑﻼﺩ اﻟﺸﺎﻡ.. في أعظم معارك التاريخ (عين جالوت)
ربما كانت اﻻﺳﺒﺎﺏ التي دفعت بيبرس إلى قتل سيده سيف الدين قطز رحمه الله ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺗﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻳﺒﻚ ﻭﺗﺸﺮﻳﺪﻩ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﺔ،
ﻭﻗﺘﻠﻪ ﺯﻋﻴﻤﻬﻢ ﺃﻗﻄﺎﻱ، ﺇﺫ ﺻﺎﺭ ﻣﻤﺎﻟﻴﻚ ﺃﻳﺒﻚ ﻭﻫﻢ اﻟﻤﻌﺰﻳﺔ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻗﻄﺰ، ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﻨﻔﻮﺫ ﻭاﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻭاﺳﺘﻤﺮ اﻟﻌﺪاء ﺑﻴﻦ المعزية ﻭاﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﻏﺎﺭ اﻟﻤﻐﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ،
ﻓﺎﺿﻄﺮ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺇﻟﻰ اﻹﺗﺤﺎﺩ واﻧﺤﺎﺯﻭا ﺇﻟﻰ ﻗﻄﺰ اﻟﻤﻌﺰﻱ، ﻟﻤﺎ ﺗﻌﺬﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻤﻘﺎﻡ ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ، ﻭﻟﻠﺘﻨﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻧﺔ اﻹﺳﻼﻡ،
ﻻ ﻷﻧﻬﻢ ﺃﺧﻠﺼﻮا اﻟﻮﻻء ﻟﻪ..
ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺘﺼﺮ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﻮﻝ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺟﺎﻟﻮﺕ، ﻭﻟﻢ ﺗﺒﻖ ﻫﻨﺎﻙ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻟﻹﺗﺤﺎﺩ، ﻇﻬﺮ اﻟﻌﺪاء اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺫﻟﻚ ﻣﻘﺘﻞ ﻗﻄﺰ اﻟﻤﻌﺰﻱ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺑﻴﺒﺮﺱ اﻟﺼﺎﻟﺤﻲ..
ﻓﻠﺤﻖ اﻟﻨﺎﺱ ﺧﻮﻑ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﻋﻮﺩﺓ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎﺩ..
وهذه الأسباب بلا ﺷﻚ ﺃﻋﻤﻖ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ ﺭفض قطز إعطاء إمارة  ﺣﻠﺐ ﻟﺑﻴﺒﺮﺱ،
ومن العجيب والغريب والذي يدعوا إلى الدهشة هم المؤرخون الذي نقلوا هذه الصورة ومنهم (ابن كثير رحمه الله تعالى) في البداية والنهاية.. حينما تكلم عن مقتل قطز وتولية بيبرس.. فقال..
(ﻭﻟﻘﺒﻮﻩ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻈﺎﻫﺮ، ﻓﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻭﺣﻜﻤﻪ، ﻭﺩﻗﺖ اﻟﺒﺸﺎﺋﺮ ﻭﺿﺮﺑﺖ اﻟﻄﺒﻮﻝ ﻭاﻟﺒﻮﻗﺎﺕ ﻭﺻﻔﺮﺕ اﻟﺸﻐﺎﺑﺔ، ﻭﺯﻋﻘﺖ اﻟﺸﺎﻭﻭﺷﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺸﻬﻮﺩا ﻭﺗﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻭاﺳﺘﻌﺎﻥ ﺑﻪ، ﺛﻢ ﺩﺧﻞ ﻣﺼﺮ ﻭاﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻪ، ﻓﺪﺧﻞ ﻗﻠﻌﺔ اﻟﺠﺒﻞ ﻭﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻬﺎ، ﻓﺤﻜﻢ ﻭﻋﺪﻝ ﻭﻗﻄﻊ ﻭﻭﺻﻞ ﻭﻭﻟﻰ ﻭﻋﺰﻝ، ﻭﻛﺎﻥ ﺷﻬﻤﺎ ﺷﺠﺎﻋﺎ ﺃﻗﺎﻣﻪ اﻟﻠﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻟﺸﺪﺓ اﺣﺘﻴﺎﺟﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭاﻷﻣﺮ اﻟﻌﺴﻴﺮ..)
وكأن شيئاً لم يكن.. وكأن القاتل لم يَقتل.. وكأننا لم نفقد ركنا من أركان الأمة وعمودا من أعمدتها..
.. اﻧﺘﻘﻠﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﻘﺎﺗﻞ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺠﻒ ﺩﻣﺎء اﻟﻤﻘﺘﻮﻝ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﻛﺒﺎﺭ ﺃﻣﺮاء اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻏﻀﺎﺿﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺃﺗﺎﺑﻚ اﻟﻌﺴﻜﺮ ﺳﺄﻝ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺗﻞ ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺑﻴﺒﺮﺱ..
ﻗﺎﻝ ﻟﻪ (ﻳﺎ ﺧﻮﻧﺪ ﺇﺟﻠﺲ ﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﻨﺔ) ﻭﻛﺄﻥ ﻋﺮﺵ اﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ ﻟﻤﻦ ﺗﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ اﻟﻘﺘﻴﻞ،
ﻭﻫﻜﺬا ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺮﺳﺦ ﻣﺒﺪﺃ (اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻤﻦ ﻏﻠﺐ)ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺯﻋﺎﻣﺔ ﺭﻛﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻴﺒﺮس..!

#د_أسامة_محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox