التاريخ يتكلم عن واقعنا المعاصر..

الجمعة، 21 يوليو 2017

16_ أغرقت المدينة بأكملها

ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﺪﻧﻪ ﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺧﻮاﺭﺯﻡ،
وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺷﺎﻩ، ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻬﺎ ﺗﺠﻤﻊ ﺿﺨﻢ ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺣﺼﻮﻥ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﻣﻦ ﺃﺷﺪ ﺣﺼﻮﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺄﺳﺎ ﻭﻗﻮﺓ، ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻊ اﻵﻥ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﻭﺩ ﺑﻴﻦ ﺃﻭﺯﺑﻜﺴﺘﺎﻥ ﻭﺗﺮﻛﻤﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮ ﺟﻴﺤﻮﻥ،
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭاﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺟﺪا، ﻭﻷﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬﻩ اﻟﺒﻠﺪﺓ ﻭﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺟﻨﻜﻴﺰ ﺧﺎﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﺟﻴﻮﺷﻪ ﻭﺃﻛﺒﺮﻫﺎ،
ﻓﻘﺎﻡ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﺶ ﺑﺤﺼﺎﺭ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻤﺪﺓ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻛﺎﻣﻠﺔ،
ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻟﻪ اﻟﻔﺘﺢ، ﻓﻄﻠﺒﻮا اﻟﻤﺪﺩ ﻣﻦ ﺟﻨﻜﻴﺰ ﺧﺎﻥ ﻓﺄﻣﺪﻫﻢ ﺑﺨﻠﻖ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﺰﺣﻔﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﺪ ﺯﺣﻔﺎ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺎ ﻭﺿﻐﻄﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻊ، ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺛﻮا ﺛﻐﺮﺓ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاﺭ،
ﻓﺪﺧﻠﻮا اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺩاﺭ ﻗﺘﺎﻝ ﺭﻫﻴﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﻭاﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻓﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﺟﺪا...
ﺇﻻ ﺃﻥ اﻟﺴﻴﻄﺮﺓ اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﺘﺘﺎﺭ،
ﺛﻢ ﺗﺪﻓﻘﺖ ﺟﻤﻮﻉ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺣﻠﺖ اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﻭﺩاﺭ اﻟﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺪﻩ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﺑﺪﺃ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ اﻟﻬﺮﻭﺏ ﻭاﻻﺧﺘﻔﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺮاﺩﻳﺐ ﻭاﻟﺨﻨﺎﺩﻕ ﻭاﻟﺪﻳﺎﺭ،
ﻓﻘﺎﻡ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﺑﻬﺪﻡ ﺳﺪ ﺿﺨﻢ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮ ﺟﻴﺤﻮﻥ، ﻳﻤﻨﻊ اﻟﻤﺎء ﻣﻦ ﺩﺧﻮﻝ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻓﺘﺪﻓﻖ اﻟﻤﺎء اﻟﻐﺰﻳﺮ ﻃﻮﻓﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻮاﺭﺯﻡ، ﻓﺄﻏﺮﻗﺖ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ،
ﻭﺩﺧﻞ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺴﺮاﺩﻳﺐ ﻭاﻟﺨﻨﺎﺩﻕ ﻭاﻟﺪﻳﺎﺭ،
ﻓﺘﻬﺪﻣﺖ اﻟﺪﻳﺎﺭ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻄﻮﻓﺎﻥ اﻟﻬﺎﺋﻞ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺧﻮاﺭﺯﻡ ﺃﺣﺪ اﻟﺒﺘﺔ، ﻓﻤﻦ ﻧﺠﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ ﻗﺘﻞ ﺗﺤﺖ اﻟﻬﺪﻡ ﺃﻭ ﺃﻏﺮﻕ ﺑﺎﻟﻤﺎء، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺧﺮاﺑﺎ،
ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺮﻛﻬﺎ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﺇﻻ ﻭﻗﺪ اﺧﺘﻔﺖ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ اﻷﺭﺽ،
ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﺎء ﻧﻬﺮ ﺟﻴﺤﻮﻥ، ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﻳﻤﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺃﺛﺮ ﻷﻱ ﺣﻴﺎﺓ ﺳﺎﺑﻘﺔ.
ﻭﻫﺬا ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ اﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ: ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﺪﻳﻢ اﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺣﺪﻳﺜﻪ، اﻟﻠﻬﻢ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻣﻊ ﻗﻮﻡ ﻧﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﺬﻻﻥ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﺼﺮ، ﻭﻻ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻠﻪ.
ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻷﺣﺪاﺙ اﻟﺪاﻣﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 617 ﻫـ،
الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى أول نصر للمسلمين.. تابعونا..
#د_أسامة_محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox