التاريخ يتكلم عن واقعنا المعاصر..

السبت، 29 يوليو 2017

معركة نهاوند ... ونهاية الفرس

قال ﻋﻤﺮ ﻟﺤﺎﻣﻞ اﻟﻜﺘﺎﺏ: ﻣﺎ اﺳﻤﻚ؟ ﻗﺎﻝ: ﻗﺮﻳﺐ.
ﻗﺎﻝ: اﺑﻦ ﻣﻦ؟ ﻗﺎﻝ: اﺑﻦ ﻇﻔﺮ.
ﻓﺘﻔﺎءﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻇﻔﺮ ﻗﺮﻳﺐ (أي نصر قريب) .
ثم ﺃﻣﺮ عمر رضي الله عنه ﻓﻨﻮﺩﻱ: اﻟﺼﻼﺓ ﺟﺎﻣﻌﺔ.
(حتى يأخذ رأي الصحابة فيما جاءه من كتاب والي الكوفة الذي أخبره بتجمع الفرس لقتال المسلمين)
اﺟﺘﻤﻊ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺩﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ، ﻓﺘﻔﺎءﻝ ﻋﻤﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺴﻌﺪ..
.. صعد ﻋﻤﺮ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﺣﺘﻰ اﺟﺘﻤﻊ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﻫﺬا ﻳﻮﻡ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ ﻣﻦ اﻷﻳﺎﻡ، ﺃﻻ ﻭﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﻫﻤﻤﺖ ﺑﺄﻣﺮ ﻓﺎﺳﻤﻌﻮا ﻭﺃﺟﻴﺒﻮا ﻭﺃﻭﺟﺰﻭا، ﻭﻻ ﺗﻨﺎﺯﻋﻮا ﻓﺘﻔﺸﻠﻮا ﻭﺗﺬﻫﺐ ﺭﻳﺤﻜﻢ،
ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﺃﺳﻴﺮ ﺑﻤﻦ ﻗِﺒﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺰﻝ ﻣﻨﺰﻻ ﻭﺳﻄﺎ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻤﺼﺮﻳﻦ (البصرة والكوفة) ﻓﺄﺳﺘﻨﻔﺮُ اﻟﻨﺎﺱ،
ﺛﻢ ﺃﻛﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺭﺩءا ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ.
.. اجتمع ﺭﺃي الصحابة ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺒﻌﺚ اﻟﺒﻌﻮﺙ ﻭﻳﺤﻀﺮﻫﻢ ﺑﺮﺃﻳﻪ ﻭﺩﻋﺎﺋﻪ.
ثم قال ﻋﻠﻲ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ.. ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ،
أقم ﻣﻜﺎﻧﻚ ﻭاﻛﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ، ﻓﻠﻴﺬﻫﺐ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺜﻠﺜﺎﻥ ﻭﻳﻘﻴﻢ اﻟﺜﻠﺚ، ﻭاﻛﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﺼﺮﺓ ﻳﻤﺪﻭﻧﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎ.
أعجب ﻋﻤﺮ ﻗﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﻭﺳﺮ ﺑﻪ..
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ :
ﺃﺷﻴﺮﻭا ﻋﻠﻲ ﺑﻤﻦ ﺃﻭﻟﻴﻪ ﺃﻣﺮ اﻟﺤﺮﺏ، ﻭﻟﻴﻜﻦ ﻋﺮاﻗﻴﺎ.
ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﺃﻧﺖ ﺃﺑﺼﺮ ﺑﺠﻨﺪﻙ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ.
ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻣﺎ ﻭاﻟﻠﻪ ﻷﻭﻟﻴﻦ ﺭﺟﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻭﻝ اﻷﺳﻨﺔ ﺇﺫا ﻟﻘﻴﻬﺎ ﻏﺪا.
ﻗﺎﻟﻮا: ﻣﻦ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ: اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﻘﺮﻥ.
ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﻫﻮ ﻟﻬﺎ...
وفي رواية أن اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ كان ﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﻭﻫﻮ ﻧﺎﺋﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﻜﺮ، ﻭﺳﺄﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺰﻟﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻳﻮﻟﻴﻪ ﻗﺘﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﻧﻬﺎﻭﻧﺪ، ﻓﻠﻬﺬا ﺃﺟﺎﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﻋﻴﻨﻪ ﻟﻪ...
.. ﻛﺘﺐ ﻋﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺬﻳﻔﺔ بن اليمان ﺃﻥ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﺑﺠﻨﻮﺩ ﻣﻨﻬﺎ...
ﻭﻛﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ ﺃﻥ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺠﻨﻮﺩ اﻟﺒﺼﺮﺓ..
ﻭﻛﺘﺐ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ - ﻭﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮﺓ - ﺃﻥ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﻤﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻭﻧﺪ،
..فإذا اﺟﺘﻤﻊ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻜﻞُ ﺃﻣﻴﺮٍ ﻋﻠﻰ ﺟﻴﺸﻪ، ﻭاﻷﻣﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﻢ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﻘﺮﻥ..
ثم قال عمر ﻓﺈﺫا ﻗﺘﻞ النعمان ﻓﺤﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ اﻟﻴﻤﺎﻥ، ﻓﺈﺫا ﻗﺘﻞ ﻓﺠﺮﻳﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ.. ﺣﺘﻰ ﻋﺪ ﺳﺒﻌﺔ..
.... تم التنفيذ وأقبل المسلمون إلى مشارف نهاوند يقودهم النعمان بن مقرن.. وكمل ﺟﻴﺶ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺃﻟﻔﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ. وقيل أربعين ألفاً..
.. سار اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺒﺌﺘﻪ ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻬﻮا ﺇﻟﻰ اﻟﻔﺮﺱ وقائدهم اﻟﻔﻴﺮﺯاﻥ، ﻭﻣﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺶ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻏﺎﺏ ﻋﻦ موقعة اﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ ، ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻔﺎ...وقيل مائتي ألف مقاتل..
ﻓﻠﻤﺎ ﺗﺮاءا اﻟﺠﻤﻌﺎﻥ ﻛﺒﺮ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﻭﻛﺒﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺛﻼﺙ ﺗﻜﺒﻴﺮاﺕ، ﻓﺰﻟﺰﻟﺖ اﻷﻋﺎﺟﻢ ﻭﺭﻋﺒﻮا ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺭﻋﺒﺎ ﺷﺪﻳﺪا، ﺛﻢ ﺃﻣﺮ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﺤﻂ اﻷﺛﻘﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﻭاﻗﻒ، ﻓﺤﻂ اﻟﻨﺎﺱ ﺃﺛﻘﺎﻟﻬﻢ، ﻭﺗﺮﻛﻮا ﺭﺣﺎﻟﻬﻢ، ﻭﺿﺮﺑﻮا ﺧﻴﺎﻣﻬﻢ ﻭﻗﺒﺎﺑﻬﻢ..
ﺃﻣﺮ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻘﺘﺎﻝ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻮﻡ اﻷﺭﺑﻌﺎء، ﻓﺎﻗﺘﺘﻠﻮا ﺫﻟﻚ اﻟﻴﻮﻡ ﻭاﻟﺬﻱ ﺑﻌﺪﻩ ﻭاﻟﺤﺮﺏ ﺳﺠﺎﻝ (ثم تحصن الفرس في حصونهم).
... ﺑﻌﺚ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻔﺮﺱ الفيرزان ﻳﻄﻠﺐ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻴﻜﻠﻤﻪ، ﻓﺬﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻤﻐﻴﺮﺓ ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ..
ﻓﺬﻛﺮ فيما ﺧﺎﻃﺒﻪ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ اﺣﺘﻘﺎﺭ اﻟﻌﺮﺏ ﻭاﺳﺘﻬﺎﻧﺘﻪ ﺑﻬﻢ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺃﻃﻮﻝ اﻟﻨﺎﺱ ﺟﻮﻋﺎ، ﻭﺃﻗﻠﻬﻢ ﺩاﺭا ﻭﻗﺪﺭا،
ﻭﻗﺎﻝ: ﻓﺈﻥ ﺗﺬﻫﺒﻮا ﻧﺨﻞْ ﻋﻨﻜﻢ، ﻭﺇﻥ ﺗﺄﺑﻮا فسترون ﻣﺼﺎﺭﻋﻜﻢ.
ﻗﺎﻝ المغيرة يخاطبه: ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﺃﺳﻮﺃ ﺣﺎﻻ ﻣﻤﺎ ﺫﻛﺮﺕ، ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺚ اﻟﻠﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻮﻋﺪﻧﺎ اﻟﻨﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭاﻟﺠﻨﺔ ﻓﻲ اﻵﺧﺮﺓ،
ﻭﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻧﺘﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺭﺑﻨﺎ اﻟﻨﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﺑﻌﺚ اﻟﻠﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ،
ﻭﻗﺪ ﺟﺌﻨﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻛﻢ، ﻭﺇﻧﺎ ﻟﻦ ﻧﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ اﻟﺸﻘﺎء ﺃﺑﺪا ﺣﺘﻰ ﻧﻐﻠﺒﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩﻛﻢ ﻭﻣﺎ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ، ﺃﻭ نستشهد ﺑﺄﺭﺿﻜﻢ..
....ﻃﺎﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺎﻝ ﻭاﺳﺘﻤﺮ السجال والفرس في حصونهم..
ﺟﻤﻊ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﻘﺮﻥ ﺃﻫﻞ اﻟﺮﺃﻱ ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺶ، وتشاوروا.. وتكلموا..
ثم قال ﻃﻠﻴﺤﺔ اﻷﺳﺪﻱ : ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﺗﺒﻌﺚ ﺳﺮﻳﺔ ﻓﺘﺤﺪﻕ ﺑﻬﻢ ﻭﻳﻨﺎﻭﺷﻮﻫﻢ ﺑﺎﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﻳﺤﻤﺸﻮﻫﻢ، ﻓﺈﺫا خرج الفرس ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻠﻴﻔﺮﻭا ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻫﺮاﺑﺎ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ،
ﻓﺈﺫا جروا ﻭﺭاءﻫﻢ ﻭاﻧﺘﻬﻮا ﺇﻟﻴﻨﺎ، ﻋﺰﻣﻨﺎ نحن ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮاﺭ ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻻ ﻳﺸﻜﻮﻥ ﻓﻲ اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻓﻴﺨﺮﺟﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﺼﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻜﺮﺓ ﺃﺑﻴﻬﻢ،
ﻓﺈﺫا ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺧﺮﻭﺟﻬﻢ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﺠﺎﻟﺪﻧﺎﻫﻢ
ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻀﻲ اﻟﻠﻪ ﺑﻴﻨﻨﺎ. فاستحسن اﻟﻨﺎﺱ ﻫﺬا اﻟﺮﺃﻱ.
(كانت هذه خطة قطز في عين جالوت بعد ذلك)
.. ﺃﻣّﺮ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ تلك الفرقة اﻟﻘﻌﻘﺎﻉ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﻭﺃﻣﺮﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺒﻮا ﺇﻟﻰ الحصون ﻓﻴﺤﺎﺻﺮﻭﻫﻢ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﻭﻳﻬﺮﺑﻮا ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺇﺫا ﺑﺮﺯﻭا ﺇﻟﻴﻬﻢ. ﻓﻔﻌﻞ اﻟﻘﻌﻘﺎﻉ ﺫﻟﻚ،
ﻓﻠﻤﺎ ﺑﺮﺯﻭا ﻣﻦ ﺣﺼﻮﻧﻬﻢ ﻧﻜﺺ اﻟﻘﻌﻘﺎﻉ ﺑﻤﻦ ﻣﻌﻪ، ﺛﻢ ﻧﻜﺺ، ﺛﻢ ﻧﻜﺺ، ﻓﺎﻏﺘﻨﻤﻬﺎ الفرس، ﻓﻔﻌﻠﻮا ﻣﺎ ﻇﻦ ﻃﻠﻴﺤﺔ،
ﻭﻗﺎﻟﻮا: ﻫﻲ ﻫﻲ. ﻓﺨﺮﺟﻮا ﺑﺄﺟﻤﻌﻬﻢ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻳﺤﻔﻆ ﻟﻬﻢ اﻷﺑﻮاﺏ،
ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻬﻮا ﺇﻟﻰ اﻟﺠﻴﺶ.. ﻭاﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﻘﺮﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺒﺌﺘﻪ،
.. ﺃﻣﺮ النعمان الجيش ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮا ﺣﺘﻰ ﺗﺰﻭﻝ اﻟﺸﻤﺲ، ﻭﻳﻨﺰﻝ اﻟﻨﺼﺮ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻳﻔﻌﻞ.
... ﺃﻟﺢ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﻠﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳﻔﻌﻞ - ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﺛﺎﺑﺘﺎ - ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﺰﻭاﻝ، ﺻﻠﻰ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ الجمعة ، ﺛﻢ وقف ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺭاﻳﺔ ﻳﺤﺜﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺒﺮ ﻭﻳﺄﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺜﺒﺎﺕ، ﻭﻳﻘﺪﻡ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﺒﺮ اﻷﻭﻟﻰ ﻓﻴﺘﺄﻫﺐ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺤﻤﻠﺔ، ﻭﻳﻜﺒﺮ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻷﺣﺪ ﺃﻫﺒﺔ، ﺛﻢ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﻣﻌﻬﺎ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﺎﺩﻗﺔ.
ﺛﻢ ﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﻗﻔﻪ، وتجهزت اﻟﻔﺮﺱ في ﺗﻌﺒﺌﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﻭاﺻﻄﻔﻮا ﺻﻔﻮﻓﺎ ﻫﺎﺋﻠﺔ، ﻓﻲ ﻋﺪة ﻭﻋﺪﺩ ﻟﻢ ﻳﺮ ﻣﺜﻠﻪ، ﻭﻗﺪ ﺗﻐﻠﻐﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ، ﻭﺃﻟﻘﻮا حسك اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﺭاء ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻟﻬﺮﺏ ﻭﻻ اﻟﻔﺮاﺭ ﻭﻻ اﻟﺘﺤﻴﺰ.
كبر اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﻘﺮﻥ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، الثلاث تكبيرات ﻭﺣﻤﻞ ﻭﺣﻤﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻭﺟﻌﻠﺖ ﺭاﻳﺔ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺗﻨﻘﺾ ﻧﺤﻮ اﻟﻔﺮﺱ ﻛﺎﻧﻘﻀﺎﺽ اﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰاﻟﻔﺮﻳﺴﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺎﻓﺤﻮا ﺑﺎﻟﺴﻴﻮﻑ، ﻓﺎﻗﺘﺘﻠﻮا ﻗﺘﺎﻻ ﻟﻢ ﻳﻌﻬﺪ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ، ﻭﻻ ﺳﻤﻊ اﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﺑﻮﻗﻌﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ..
ﻗُﺘﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺰﻭاﻝ ﺇﻟﻰ اﻟﻈﻼﻡ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻠﻰ ﻣﺎ ﻃﺒﻖ ﻭﺟﻪ اﻷﺭﺽ ﺩﻣﺎ، ﺑﺤﻴﺚ ﺇﻥ اﻟﺪﻭاﺏ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﺒﻊ ﻓﻴﻪ،
ﺣﺘﻰ ﻗﻴﻞ: ﺇﻥ اﻷﻣﻴﺮ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﻘﺮﻥ ﺯﻟﻖ ﺑﻪ ﺣﺼﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﺪﻡ، ﻓﻮﻗﻊ ﻭﺟﺎءﻩ ﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﺧﺎﺻﺮﺗﻪ ﻓﻘﺘﻠﻪ رضي الله عنه ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﺃﺣﺪ ﺳﻮﻯ ﺃﺧﻴﻪ ﺳﻮﻳﺪ، ﻭﻗﻴﻞ: ﻧﻌﻴﻢ. ﻭﻗﻴﻞ: ﻏﻄﺎﻩ ﺑﺜﻮﺑﻪ، ﻭﺃﺧﻔﻰ ﻣﻮﺗﻪ..
ﻭﺩﻓﻊ اﻟﺮاﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ اﻟﻴﻤﺎﻥ. ﻓﺄﻗﺎﻡ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺃﺧﺎﻩ ﻧﻌﻴﻤﺎ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻭﺃﻣﺮ ﺑﻜﺘﻢ ﻣﻮﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎﻝ، ﻟﺌﻼ ﻳﻨﻬﺰﻡ اﻟﻨﺎﺱ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻇﻠﻢ اﻟﻠﻴﻞ اﻧﻬﺰﻡ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻣﺪﺑﺮﻳﻦ ﻭﺗﺒﻌﻬﻢ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ - ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻜﻔﺎﺭ ﻗﺪ قيدوا ﻣﻨﻬﻢ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺃﻟﻔﺎ ﺑﺎﻟﺴﻼﺳﻞ ﻭﺣﻔﺮﻭا ﺣﻮﻟﻬﻢ ﺧﻨﺪﻗﺎ، حتى لا يفروا ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻬﺰﻣﻮا ﻭﻗﻌﻮا ﻓﻲ اﻟﺨﻨﺪﻕ ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻭﺩﻳﺔ ﻭﺟﻌﻠﻮا ﻳﺘﺴﺎﻗﻄﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﺩﻳﺔ ﺑﻼﺩﻫﻢ، ﻓﻬﻠﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺸﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﻧﺤﻮ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﺃﻭ ﻳﺰﻳﺪﻭﻥ، ﺳﻮﻯ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻠﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻻ اﻟﺸﺮﻳﺪ..
ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻔﻴﺮﺯاﻥ ﺃﻣﻴﺮﻫﻢ ﻗﺪ فر من اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻭﻗﺼﺪ مدينة ﻫﻤﺬاﻥ، ﻓﺄﺗﺒﻌﻪ اﻟﻘﻌﻘﺎﻉ ﺣﺘﻰ ﻗﺘﻠﻪ..
.. ﻟﺤﻖ اﻟﻘﻌﻘﺎﻉ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻤﻨﻬﺰﻣﻴﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻫﻤﺬاﻥ، ﻭﺣﺎﺻﺮﻫﺎ ﻭﺣﻮﻯ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ، ثم ﺩﺧﻠﻮا ﺑﻌﺪ اﻟﻮﻗﻌﺔ ﻧﻬﺎﻭﻧﺪ ﻋﻨﻮﺓ،
وﺟﻤﻌﻮا اﻷﺳﻼﺏ ﻭاﻟﻤﻐﺎﻧﻢ. .
.. ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ: اﻟﻬﺮﺑﺬ - ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ نار الفرس - ﻓﺴﺄﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ أن يعطيه اﻷﻣﺎﻥ ﻭﻳﺪﻓﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﺩﻳﻌﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﻟﻜﺴﺮﻯ اﺩﺧﺮﻫﺎ.. ﻓﺄﻣﻨﻪ ﺣﺬﻳﻔﺔ، ﻭﺟﺎء ﺫﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺴﻔﻄﻴﻦ ﻣﻤﻠﻮءﺗﻴﻦ ﺟﻮﻫﺮا ﺛﻤﻴﻨﺎ ﻻ يستطيع حملهما ،
ﻏﻴﺮ ﺃﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺒﺌﻮا ﺑﻪ، ﻭاﺗﻔﻖ ﺭﺃﻳﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺜﻪ ﻟﻌﻤﺮ رضي الله عنه في المدينة..
ﺛﻢ ﻗﺪﻡ رسول حذيفة إلى المدينة ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻋﻤﺮ فاخبره بالفتح المبين ومقتل النعمان.. ﺑﻜﻰ عمر بكاء شديداً على النعمان ثم سأل عمن ﻋﻤﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
ﻓﻘﺎﻝ: ﻓﻼﻥ ﻭﻓﻼﻥ ﻭﻓﻼﻥ. ﻷﻋﻴﺎﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺷﺮاﻓﻬﻢ.
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﻓﻨﺎﺩ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ. ﻓﺠﻌﻞ ﻋﻤﺮ ﻳﺒﻜﻲ ﻭﻳﻘﻮﻝ:
ﻭﻣﺎ ﺿﺮﻫﻢ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ!
ﻟﻜﻦ اﻟﻠﻪ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺮﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ،
ﻭﻣﺎ ﻳﺼﻨﻌﻮﻥ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋﻤﺮ.
كانت هذه معركة نهاوند في 21 هـ..
وقد عرفت في التاريخ بموقعة فتح الفتوح..
ولم تقم للفرس بعدها قائمة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox