التاريخ يتكلم عن واقعنا المعاصر..

الأحد، 23 يوليو 2017

41_ قطز.. من أعظم شخصيات التاريخ الإسلامي

ﻫﻮ ﻭاﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ.. اﺳﻤﻪ اﻷﺻﻠﻲ "ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﻣﻤﺪﻭﺩ"،(أو قيل.. بن ممدوح)
ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻠﻜﻲ ﺃﺻﻴﻞ..
ﻫﻮ اﺑﻦ ﺃﺧﺖ ﺟﻼﻝ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺨﻮاﺭﺯﻣﻲ!!!..
ﻭﺟﻼﻝ اﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﻣﻠﻚ اﻟﺨﻮاﺭﺯﻣﻴﻴﻦ اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ، ﻭاﻟﺬﻱ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻨﻪ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ حلقات سابقة ، ﻭاﻟﺬﻱ ﻗﺎﻭﻡ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﻓﺘﺮﺓ ﻭاﻧﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﺛﻢ ﻫﺰﻡ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﻓﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ، ﻭﻋﻨﺪ ﻓﺮاﺭﻩ ﺇﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ ﺃﻣﺴﻚ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﺑﺄﺳﺮﺗﻪ ﻓﻘﺘﻠﻮا ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ،
ﻭاﺳﺘﺮﻗﻮا ﺑﻌﻀﻬﻢ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ ﻣﻤﺪﻭﺩ ﺃﺣﺪ ﺃﻭﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﺮﻗﻬﻢ اﻟﺘﺘﺎﺭ،
ﻭﺃﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻤﺎ ﻣﻐﻮﻟﻴﺎ ﻫﻮ "ﻗﻄﺰ"،
ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻌﻨﻲ "اﻟﻜﻠﺐ اﻟﺸﺮﺱ"،
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺪﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺻﻐﺮﻩ ﻋﻼﻣﺎﺕ اﻟﻘﻮﺓ ﻭاﻟﺒﺄﺱ،
ﺛﻢ ﺑﺎﻋﻪ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﺳﻮاﻕ اﻟﺮﻗﻴﻖ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ،
ﻭاﺷﺘﺮاﻩ ﺃﺣﺪ اﻷﻳﻮﺑﻴﻴﻦ، ﻭﺟﺎء ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ،
ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺳﻴﺪ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻤﻌﺰ ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﻳﺒﻚ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺃﻛﺒﺮ ﻗﻮاﺩﻩ ﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ..
اﻟﺘﺪﺑﻴﺮ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻟﺮﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ .. ﻓﺎﻟﺘﺘﺎﺭ ﻣﻜﺮﻭا ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭاﺳﺘﺮﻗﻮا ﺃﺣﺪ ﺃﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﻭﺑﺎﻋﻮﻩ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ..
ﻟﻴﺒﺎﻉ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻭاﺣﺪ ﺇﻟﻰ ﻭاﺣﺪ ﻟﻴﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﻟﻢ ﻳﺮﻫﺎ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﻌﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺴﻦ اﻟﺼﻐﻴﺮﺓ..
ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻠﻜﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ, ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﺘﺎﺭ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻨﻘﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻗﺎﺻﻲ ﺑﻼﺩ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ!!!
ﻭﺳﺒﺤﺎﻥ اﻟﺬﻱ ﻳﺪﺑﺮ ﺑﻠﻄﻒ, ﻭﻳﻤﻜﺮ ﺑﺤﻜﻤﺔ, ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻭﻻ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء.. "ﻭﻣﻜﺮﻭا ﻣﻜﺮا, ﻭﻣﻜﺮﻧﺎ ﻣﻜﺮا ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ"..
...ﻧﺸﺄ ﻗﻄﺰ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻘﻮﻳﻤﺔ، ﻭﺗﺸﺒﻊ ﺑﺎﻟﺤﻤﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ، ﻭﺗﺪﺭﺏ ﻣﻨﺬ ﺻﻐﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﻮﻥ اﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ، ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻘﺘﺎﻝ، ﻭﺃﻧﻮاﻉ اﻹﺩاﺭﺓ، ﻭﻃﺮﻕ اﻟﻘﻴﺎﺩﺓ.. ﻓﻨﺸﺄ ﺷﺎﺑﺎ ﻓﺘﻴﺎ ﺃﺑﻴﺎ ﻣﺤﺒﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻣﻌﻈﻤﺎ ﻟﻪ..
ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻗﻮﻳﺎ ﺻﺒﻮﺭا ﺟﻠﺪا..
ﻛﻞ ﻫﺬا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻭﻟﺪ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻣﻠﻜﻲ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﻃﻔﻮﻟﺔ اﻷﻣﺮاء، ﻭﻫﺬا ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺛﻘﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ،
ﻓﻬﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻏﺮﻳﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ اﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭاﻹﺩاﺭﺓ ﻭاﻟﺤﻜﻢ، ﻭﻓﻮﻕ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻓﺈﻥ ﺃﺳﺮﺗﻪ ﻗﺪ ﻫﻠﻜﺖ ﺗﺤﺖ ﺃﻗﺪاﻡ اﻟﺘﺘﺎﺭ، ﻭﻫﺬا ـ ﻭﻻ ﺷﻚ ـ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻔﻘﻪ ﺟﻴﺪا ﻣﺄﺳﺎﺓ اﻟﺘﺘﺎﺭ.. ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﻛﻤﻦ ﺳﻤﻊ..
ﻛﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﺻﻨﻌﺖ ﻣﻦ ﻗﻄﺰ ﺭﺟﻼ ﺫا ﻃﺮاﺯ ﺧﺎﺹ ﺟﺪا.. ﻳﺴﺘﻬﻴﻦ ﺑﺎﻟﺸﺪاﺋﺪ، ﻭﻻ ﻳﺮﻫﺐ ﺃﻋﺪاءﻩ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺜﺮﺕ ﺃﻋﺪاﺩﻫﻢ، ﺃﻭ ﺗﻔﻮﻗﺖ ﻗﻮﺗﻬﻢ..
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻭاﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭاﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ، ﻭاﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﺃﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﻗﻄﺰ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ..
... ﻧﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ..
ﺃﺣﺪﺙ ﺻﻌﻮﺩ اﻟﻄﻔﻞ ﻧﻮﺭ اﻟﺪﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﺤﻜﻢ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎﺕ،  ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻜﺜﻮا ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻭﻟﻢ ﻳﻬﺮﺑﻮا ﺇﻟﻰ اﻟﺸﺎﻡ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻫﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻤﻌﺰ ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﻳﺒﻚ، ﻭﺗﺰﻋﻢ ﺃﺣﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ـ ﻭاﺳﻤﻪ "ﺳﻨﺠﺮ اﻟﺤﻠﺒﻲ" ـ اﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺘﻞ ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﻳﺒﻚ،
اضطر ﻗﻄﺰ ﺇﻟﻰ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺣﺒﺴﻪ..
ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺒﺾ ﻗﻄﺰ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺭءﻭﺱ اﻟﺜﻮﺭاﺕ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻓﺄﺳﺮﻉ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﻬﺮﺏ ﺇﻟﻰ اﻟﺸﺎﻡ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻴﻠﺤﻘﻮا ﺑﺰﻋﻤﺎﺋﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮﻭا ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻤﻌﺰ، ﻭﻟﻤﺎ ﻭﺻﻞ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﺸﺎﻡ ﺷﺠﻌﻮا اﻷﻣﺮاء اﻷﻳﻮﺑﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻏﺰﻭ ﻣﺼﺮ، ﻭاﺳﺘﺠﺎﺏ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻء اﻷﻣﺮاء،
ﻭﻣﻨﻬﻢ "ﻣﻐﻴﺚ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻤﺮ" ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻜﺮﻙ (ﺑﺎﻷﺭﺩﻥ ﺣﺎﻟﻴﺎ)
اﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﺠﻴﺸﻪ ﻟﻐﺰﻭ ﻣﺼﺮ! ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻣﻴﺮا ﺿﻌﻴﻔﺎ ﺟﺪا،
ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺃﻃﻤﺎﻉ ﺃﻛﺒﺮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺣﺠﻤﻪ!.. ﻭﻭﺻﻞ ﻣﻐﻴﺚ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺠﻴﺸﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ، مرتين متتاليتين ﻭﺧﺮﺝ ﻟﻪ ﻗﻄﺰ ﻓﺼﺪﻩ ﻋﻦ ﺩﺧﻮﻝ ﻣﺼﺮ فيهما..
... ﻭﻣﻦ اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﺃﻥ اﻟﻤﺮﺓ الثانية اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻭﻝ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻐﻴﺚ ﻋﻤﺮ اﻷﻳﻮﺑﻲ ﺃﻥ ﻳﻐﺰﻭ ﻣﺼﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﺑﻴﻊ اﻵﺧﺮ ﺳﻨﺔ 656 ﻫﺠﺮﻳﺔ، ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ "ﺑﻐﺪاﺩ" ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻓﻘﻂ!!..
ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻛﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﺇﺫا ﺑﻪ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﻟﺤﺮﺏ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ!! ﺇﻧﻪ ﻣﺮﺽ اﻟﺤﻮﻝ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺘﺸﺮا ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎﻡ ﻭﻓﻲ ﺃﻱ ﺯﻣﺎﻥ ﻳﺒﺘﻌﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺭﺑﻬﻢ!
ﻗﻄﺰ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ - ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻳﺮ اﻷﻣﻮﺭ ﻓﻌﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ـ ﻟﻜﻦ اﻟﺬﻱ ﻳﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻃﻔﻞ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻫﺬا ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻌﻒ ﻣﻦ ﻫﻴﺒﺔ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻭﻳﺰﻋﺰﻉ ﻣﻦ ﺛﻘﺔ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻤﻠﻜﻬﻢ، ﻭﻳﻘﻮﻱ ﻣﻦ ﻋﺰﻳﻤﺔ اﻷﻋﺪاء ﺇﺫ ﻳﺮﻭﻥ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻃﻔﻼ.
... ﻭﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺘﺘﺮﻱ اﻟﺮﻫﻴﺐ، ﻭاﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﻄﺎﺣﻨﺔ، ﻭاﺿﻄﺮاﺑﺎﺕ ﻭﺛﻮﺭاﺕ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ، ﻭﺃﻃﻤﺎﻉ اﻷﻣﺮاء اﻷﻳﻮﺑﻴﻴﻦ اﻟﺸﺎﻣﻴﻴﻦ.. ﻓﻲ ﺿﻮء ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻗﻄﺰ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺃﻱ ﻣﻌﻨﻰ ﻷﻥ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ اﻟﻄﻔﻞ "ﻧﻮﺭ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ" ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﺃﻫﻢ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻭﻫﻲ ﻣﺼﺮ، ﻭاﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻣﻞ ﻓﻲ ﺻﺪ اﻟﺘﺘﺎﺭ ﺇﻻ ﻓﻴﻬﺎ..
...ﻫﻨﺎ اﺗﺨﺬ ﻗﻄﺰ اﻟﻘﺮاﺭ اﻟﺠﺮﻱء، ﻭﻫﻮ ﻋﺰﻝ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ اﻟﻄﻔﻞ ﻧﻮﺭ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ، ﻭاﻋﺘﻼء ﻗﻄﺰ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﺮﺵ ﻣﺼﺮ،
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻘﺮاﺭ ﻏﺮﻳﺒﺎ؛ ﻓﻘﻄﺰ ﻫﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﺒﻼﺩ، ﻭاﻟﺠﻤﻴﻊ - ﺑﻤﻦ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ اﻟﻄﻔﻞ ﻧﻔﺴﻪ - ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺗﻤﺎﻡ اﻹﺩﺭاﻙ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺻﻮﺭﺓ ﻫﺰﻟﻴﺔ ﻣﻀﺤﻜﺔ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻗﻄﺰ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﺻﻮﺭﺓ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ اﻟﻄﻔﻞ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻄﺰ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺭﻓﻊ ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻮﺭﺓ اﻟﻬﺰﻟﻴﺔ ﻟﻴﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻭﺭاﺋﻬﺎ اﻷﺳﺪ اﻟﻬﺼﻮﺭ اﻟﺬﻱ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ ﺳﺘﺘﻐﻴﺮ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻷﺭﺽ، ﻭﺗﺘﻐﻴﺮ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺗﺘﻐﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺻﻔﺤﺎﺕ اﻟﺘﺎﺭﻳﺦ..
... ﺣﺪﺙ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻊ ﻭاﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺫﻱ اﻟﻘﻌﺪﺓ ﺳﻨﺔ 657 ﻫﺠﺮﻳﺔ، ﺃﻱ ﻗﺒﻞ ﻭﺻﻮﻝ ﻫﻮﻻﻛﻮ ﺇﻟﻰ ﺣﻠﺐ ﺑﺄﻳﺎﻡ.. ﻭﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺻﻌﺪ ﻗﻄﺰ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺪ اﻟﻌﺪﺓ ﻟﻠﻘﺎء اﻟﺘﺘﺎﺭ..
التركة التي تحملها قطز:
كان الوضع ﻣﺘﺄﺯﻣﺎ ﺟﺪا.. ﻓﺎﻟﻤﺴﺮﺡ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻮﺝ ﺑﺎﻻﺿﻄﺮاﺑﺎﺕ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ، ﻭاﻷﺯﻣﺎﺕ اﻟﺸﺪﻳﺪﺓ واﻟﺘﺼﺎﺭﻉ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﺤﻜﻢ..
اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻣﺎ ﺯاﻟﺖ ﺩاﺋﺮﺓ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺆﻳﺪﻭﻥ ﺷﺠﺮﺓ اﻟﺪﺭ ﻭاﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﻤﻌﺰﻳﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻳﺪﻭﻥ اﻵﻥ ﺳﻴﻒ اﻟﺪﻳﻦ ﻗﻄﺰ، ﻭﻗﺪ ﻓﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻹﻣﺎﺭاﺕ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎﻡ، ﻭﻣﻦ ﺑﻘﻲ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻞ ﻭﺗﺮﻗﺐ.. ﻭﻫﺬا اﻻﻧﻘﺴﺎﻡ - ﺑﻼﺷﻚ - ﺃﺿﻌﻒ اﻟﻘﻮﺓ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ؛ ﻷﻥ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﺃﺳﺎﺱ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﺼﺮﻱ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ.
اﻟﻤﺴﺮﺡ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺒﻴﺮﺓ.. ﺫﻟﻚ ﺃﻥ اﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻤﺰﻗﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﺟﻴﺮاﻧﻬﺎ ﺑﻼ اﺳﺘﺜﻨﺎء.. ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺎﺕ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺇﻣﺎﺭاﺕ اﻟﺸﺎﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻭﺡ اﻟﻌﺪاء اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻫﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻤﺼﺮ ﺃﻱ ﺳﻨﺪ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ اﻟﺸﻤﺎﻝ اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﺃﻭ اﻟﺴﻮﺩاﻥ.. ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا ﺃﻥ ﻫﺬﻩ اﻟﻌﺰﻟﺔ اﻟﻤﻘﻴﺘﺔ ﺳﺘﺴﻬﻞ ﺟﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺣﺶ اﻟﺘﺘﺮﻱ ﻣﻬﻤﺔ اﺑﺘﻼﻉ ﻣﺼﺮ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺄﺷﻴﺎﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ..
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﺣﺎﻻ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺃﻭ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺃﺯﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻃﺎﺣﻨﺔ ﺗﻤﺮ ﺑﺎﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﺟﺮاء اﻟﺤﻤﻼﺕ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ اﻟﻤﺘﻜﺮﺭﺓ، ﻭﻣﻦ ﺟﺮاء اﻟﺤﺮﻭﺏ اﻟﺘﻲ ﺩاﺭﺕ ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺟﻴﺮاﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻡ، ﻭﻣﻦ ﺟﺮاء اﻟﻔﺘﻦ ﻭاﻟﺼﺮاﻋﺎﺕ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻯ اﻟﺪاﺧﻠﻲ.. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ اﻟﻨﺎﺱ اﻧﺸﻐﻠﻮا ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺑﺎﻟﻔﺘﻦ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻭاﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻓﺘﺮﺩﻯ اﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺪ ﺩﺭﺟﺎﺕ اﻟﺘﺮﺩﻱ، ﻭﺑﺎﺗﺖ اﻟﺒﻼﺩ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﻫﺎﻭﻳﺔ ﺳﺤﻴﻘﺔ ﺷﺒﻪ ﻣﺆﻛﺪﺓ..
اﻹﻣﺎﺭاﺕ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ اﻟﻤﺰﺭﻭﻋﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮاﺕ اﻟﺴﻨﻴﻦ.. ﻭﻓﻮﻕ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻫﻨﺎﻙ اﻟﻬﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻕ.. ﻭﻫﻮ اﻟﺘﺘﺎﺭ..
ﻭﻫﻜﺬا اﺳﺘﻠﻢ ﺳﻴﻒ اﻟﺪﻳﻦ ﻗﻄﺰ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻫﺬﻩ اﻟﺘﺮﻛﺔ اﻟﻤﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﻬﻤﻮﻡ ﻭاﻟﻤﺸﺎﻛﻞ..
ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺼﺮﻑ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻤﻈﻔﺮ ﻗﻄﺰ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﺄﺯﻡ؟!
تابعونا..
#د_أسامة_محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox