التاريخ يتكلم عن واقعنا المعاصر..

السبت، 29 يوليو 2017

موقعة الزلاقة .. وشجاعة المرابطين

ﺳﻘﻄﺖ ﻃُﻠَﻴﻄِﻠﺔُ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﻣﻠﻮﻙ اﻟﻄﻮاﺋﻒ ﺑﺎﻷﻧﺪﻟﺲ ﻣﺪﺓ 78ﺳﻨﺔ – ﻓﻲ ﻳﺪ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻣﻠﻚ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ اﻟﻨﺼﺮاﻧﻲ ﻋﺎﻡ 478ﻫـ
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺣﻜﻤﻬﺎ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ 372 ﻋﺎﻣﺎ..
... ﺃﺣﺪﺙ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﺩﻭﻳﺎ ﻋﻨﻴﻔﺎ ، ﻭاﺷﺘﺪﺕ ﻭﻃﺄﺓ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺗﻮﺣﺪﺕ ﺟﻬﻮﺩ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺴﺎﺩﺱ وملوك النصارى.. ﻭﺳﺎﺭﻭا ﺑﺠﻴﺶ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻭﺣﺎﺻﺮﻭا ﻣﺪﻧﺎ ﻭﻗﻼﻋﺎ ﻭاﺣﺘﻠﻮا ﻗﺮﻯ ﻭﺃﺣﺮﻗﻮا ﺃﺭاﺿﻲ ﻛﺜﻴﺮﺓ ،
.. اﻧﺘﺒﻪ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﻟﺨﻄﺌﻪ ﺑﻤﻌﺎﻭﻧﺔ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ في تسليم طليطلة ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﻣﻊ ﺃﻣﺮاء اﻷﻧﺪﻟﺲ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺇﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ﺛﻢ ﻓﻲ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻭاﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺮﺳﻠﻮا ﺳﻔﻴﺮا ﺇﻟﻰ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺩﻭﻟﺔ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭاﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ﻳﻠﺘﻤﺴﻮﻥ ﻋﻮﻧﻪ ﻭﻏﻮﺛﻪ .
.. اﺳﺘﺸﺎﺭ يوسف اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ (الملقب بسادس الخلفاء الراشدين) ﻣﺠﻠﺴﻪ اﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ ﻓﻮاﻓﻘﻮا ﺷﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻴﻪ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻮﻥ اﻟﺠﺰﻳﺮﺓ اﻟﺨﻀﺮاء ﻳﺠﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺛﻘﺎﻟﻪ ﻭﺃﺟﻨﺎﺩﻩ ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺣﺼﻨﺎ ﻟﻪ ، ﻭﻟﻴﻜﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎﻝ ﺑﺈﻓﺮﻳﻘﻴﺔ .
.. ﺳﻠﻢ المعتمد اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ اﻟﺠﺰﻳﺮﺓ اﻟﺨﻀﺮاء ﻟﻠﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ (أو الملثمين) ، ﻭﻗﺎﻝ ﻻﺑﻨﻪ :
( ﺃﻱ ﺑﻨﻲ ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻋﻨﻲ ﺃﺑﺪا ﺃﻧﻨﻲ ﺃﻋﺪﺕ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺩاﺭ ﻛﻔﺮ ﻭﻻ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ ﻟﻠﻨﺼﺎﺭﻯ ، ﻓﺘﻘﻮﻡ ﻋﻠﻲ اﻟﻠﻌﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺑﺮ اﻹﺳﻼﻡ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻱ ) ،
ﻭﻗﺎﻝ : ( ﻷﻥ ﻳﺮﻋﻰ ﺃﻭﻻﺩﻧﺎ ﺟﻤﺎل المرابطين ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﻋﻮا ﺧﻨﺎﺯﻳﺮ اﻟﻔﺮﻧﺞ ) ،
ﻭﻗﺎﻝ ﻟﺒﻌﺾ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻟﻤﺎ ﺧﻮﻓﻮﻩ ﻣﻦ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ : ( ﺗﺎﻟﻠﻪ ﺇﻧﻨﻲ ﻷﻭﺛﺮ ﺃﻥ ﺃﺭﻋﻰ اﻟﺠﻤﺎﻝ ﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﺮاﻛﺶ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻏﺪﻭ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﺃﻥ ﺃﺅﺩﻱ ﻟﻪ اﻟﺠﺰﻳﺔ ، ﺇﻥ ﺭﻋﻲ اﻟﺠﻤﺎﻝ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺭﻋﻲ اﻟﺨﻨﺎﺯﻳﺮ) .
.. ﻗﺒﻞ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ اﻟﺪﻋﻮﺓ ، ﻓﻲ ﺭﺑﻴﻊ اﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ 479ﻫـ ﺳﺎﺭ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﺑﺠﻴﺸﻪ ﻣﻦ المغرب... ﻭﻣﺎ ﻛﺎﺩت اﻟﺴﻔﻦ ﺗﻨﺸﺮ ﻗﻼﻋﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻫﺎﺝ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﺼﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ..
.. ﺭﻓﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻤﺎء ، ﻭﺩﻋﺎ اﻟﻠﻪ ﻣﺨﻠﺼﺎ : ( اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺟﻮاﺯﻱ ﻫﺬا ﺧﻴﺮا ﻭﺻﻼﺣﺎ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﺴﻬﻞ ﻋﻠﻲ ﺟﻮاﺯ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺮ ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻓﺼﻌﺒﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺃﺟﻮﺯﻩ )..
ﻓﻬﺪﺃ اﻟﺒﺤﺮ ، ﻭﺟﺎﺯﺕ اﻟﺴﻔﻦ ﺳﺮاﻋﺎ ، ﻭﻟﻤﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺷﺎﻃﺊ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺳﺠﺪ ﻟﻠﻪ ﺷﻜﺮا .
(الاستعانة بالله واللجوء إليه والتوكل عليه.. من صفات الجيش المنصور)
ﺗﺴﻠﻢ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ اﻟﺠﺰﻳﺮﺓ اﻟﺨﻀﺮاء ، ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺘﺤﺼﻴﻨﻬﺎ ﺃﺗﻢ ﺗﺤﺼﻴﻦ ، ﻭﺭﺗﺐ ﺑﻬﺎ ﺣﺎﻣﻴﺔ ﻣﺨﺘﺎﺭﺓ ﻟﺘﺴﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﺷﺤﻨﻬﺎ ﺑﺎﻷﻗﻮاﺕ ﻭاﻟﺬﺧﺎﺋﺮ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻣﻼﺫا ﺃﻣﻴﻨﺎ ﻳﻠﺘﺠﺊ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﺫا ﻫﺰﻡ .
(إعداد العدة بأقوى وأفضل ما يكون.. من صفات الجيش المنصور)
ﻏﺎﺩﺭ جيش ابن تاشفين ﺇﻟﻰ ﺇﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ، ﻭﺗﻌﻬﺪ ﻛﻞ ﺃﻣﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻣﺮاء اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻭﺳﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺪ ﻭاﻟﻤﺆﻥ ، ﻭﺃﻥ ﻳﺴﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺤﺪﺩ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻣﻌﻴﻦ ،
ﻭﻟﺒﺚ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﻓﻲ ﺇﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺗﺐ اﻟﻘﻮاﺕ ﻭﺗﺘﻜﺎﻣﻞ اﻷﻋﺪاﺩ ، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺋﻢ اﻟﻨﻬﺎﺭ ﻗﺎﺋﻢ اﻟﻠﻴﻞ ، ﻣﻜﺜﺮا ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ اﻟﺒﺮ ﻭاﻟﺼﺪﻗﺎﺕ ،
.. ﻏﺎﺩﺭ ﺇﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺑﻄﻠﻴﻮﺱ، ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﻳﻘﻮﺩﻫﻢ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ، ﻭﻋﺪﺩﻫﻢ ﻋﺸﺮﺓ ﺁﻻﻑ ، ﺛﻢ ﻗﻮاﺕ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ ، ﺛﻢ ﺳﺎﺭ ﺑﻌﺪﻫﻢ - ﺑﻴﻮﻡ ﻭاﺣﺪ - ﺟﻴﺶ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ، ﻭﻟﻤﺎ ﻭﺻﻠﻮا ﺇﻟﻰ ﺑﻄﻠﻴﻮﺱ ﺃﻗﺎﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ .
... ﺳﻤﻊ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﺑﻤﻘﺪﻡ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ طلب النجدة من النصارى..
ﺟﺎءﺗﻪ اﻹﻣﺪاﺩاﺕ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮﺏ ﻣﻦ ﻣﻠﻮﻙ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ، ﻭﻋﻤﻞ اﻟﺒﺎﺑﺎﻭاﺕ ﺩﻭﺭا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﺣﺜﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺘﺎﻝ .
عدد ﺟﻴﺶ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ (ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺃﻟﻔﺎ) ﻧﺼﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ﻭﻧﺼﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ،
ﺃﻣﺎ ﺟﻴﺶ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﺓ ﻭﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﺃﻟﻔﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ، ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺃﻟﻔﺎ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ اﻟﻌﺪﺩ اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ، ﻭاﻟﺒﺎﻗﻮﻥ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ اﻟﻌﺪﺩ اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ .
(وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)
ﻭﻋﺴﻜﺮ اﻟﺠﻴﺸﺎﻥ ﻗﺮﺏ ﺑﻄﻠﻴﻮﺱ ﻓﻲ ﺳﻬﻞ ﺗﺘﺨﻠﻠﻪ اﻷﺣﺮاﺵ ، ﺳﻤﺎﻩ اﻟﻌﺮﺏ اﻟﺰﻻﻗﺔ ، ﻭﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻴﺸﻴﻦ ﻧﻬﺮ ﺻﻐﻴﺮ ،
.. ﺿﺮﺏ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﻣﻌﺴﻜﺮﻩ ﻭﺭاء ﺭﺑﻮﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ ، ﻣﻨﻔﺼﻼ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻥ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ، ﻭﻋﺴﻜﺮ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻮﻥ ﺃﻣﺎﻡ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ، ﻭﻟﺒﺚ اﻟﺠﻴﺸﺎﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺭاﺳﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﻟﻹﺳﻼﻡ ﺃﻭ اﻟﺠﺰﻳﺔ ﺃﻭ اﻟﻘﺘﺎﻝ ﻓﺎﺧﺘﺎﺭﻭا اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ .
ﺧﻄﻂ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻮﻥ ﺗﺨﻄﻴﻄﺎ ﺟﻴﺪا ، ﺇﺫ اﺗﺨﺬﻭا اﻟﺠﺰﻳﺮﺓ اﻟﺨﻀﺮاء ﺧﻄﺎ ﻟﻠﺮﺟﻌﺔ ، واﺣﺘﻔﻈﻮا ﺑﻘﻮﺓ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﺃﺷﺠﻊ اﻟﺠﻨﻮﺩ ﻟﻻﻧﻘﻀﺎﺽ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺪاء ، وﻗﺎﺗﻞ ﺟﻴﺸﻬﻢ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻣﺘﻤﺎﺳﻚ ﺃﺭﺑﻚ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ،
ﻭﻫﻮ ﻧﻈﺎﻡ اﻟﺼﻔﻮﻑ اﻟﻤﺘﺮاﺻﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﺳﻘﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ، ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻣﻌﺘﺎﺩﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺘﺎﻝ اﻟﻔﺮﺩﻱ .
ﺗﻬﻴﺄ اﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﻟﻠﻤﻌﺮﻛﺔ ، ﻭﺳﻴﺮ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺟﻴﺸﻪ ﻟﻴﻨﻘﺾ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ اﻟﻌﻨﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ اﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﺩﻩ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ، ﺁﻣﻼ ﻓﻲ ﺑﺚ اﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻑ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،
.. ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻭﺟﺪﻭا ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ ﺟﻴﺸﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ﻗﻮاﻣﻪ ﻋﺸﺮﺓ ﺁﻻﻑ ﻓﺎﺭﺱ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺃﺷﺠﻊ ﻗﺎﺩﺓ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﺑﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺼﻤﻮﺩ ﻟﻜﺜﺮﺓ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﻋﻨﻒ اﻟﻬﺠﻮﻡ ، ﻟﻜﻨﻪ اﺳﺘﻄﺎﻉ ﺗﺤﻄﻴﻢ ﻋﻨﻒ اﻟﻬﺠﻤﺔ ، ﻭﺧﺴﺮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺻﺪ ﻫﺬا اﻟﻬﺠﻮﻡ .
ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺃﻯ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻮﻥ ﻛﺜﺮﺓ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻫﺮﺏ ﺑﻌﺾ ﺃﻣﺮاﺋﻬﻢ ، ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻓﺮﺳﺎﻥ ﺇﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺃﻣﻴﺮﻫﻢ اﻟﺸﺠﺎﻉ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا اﻟﺼﻤﻮﺩ ﻭﻗﺎﺗﻠﻮا ﻗﺘﺎﻝ اﻷﺳﻮﺩ اﻟﻀﻮاﺭﻱ ، ﻳﺆاﺯﺭﻫﻢ اﺑﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﻓﺮﺳﺎﻧﻪ .
.. ﺃﻳﻘﻦ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺃﻯ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺗﻀﻌﻒ ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺤﺮﺟﺔ ﻭﺛﺐ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻲ اﻟﻤﻈﻔﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﻴﺪاﻥ ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺨﺘﺒﺄ ﺧﻠﻒ ﺭﺑﻮﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﻳﺮﻯ ،
ﻭﺃﺭﺳﻞ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﻋﺪﺓ ﻓﺮﻕ ﻟﻐﻮﺙ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ، ﻭﺑﺎﺩﺭ ﺑﺎﻟﺰﺣﻒ ﻓﻲ ﺣﺮﺳﻪ اﻟﻀﺨﻢ ، ﻭاﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺒﺎﻏﺖ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﺎﺭﺩ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻗﺪﻭﻡ اﻟﻨﺠﺪاﺕ اﻟﺘﻲ ﺃﺭﺳﻠﻬﺎ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ .
.. ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ رأى ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﺟﻤﻮﻋﺎ ﻓﺎﺭﺓ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ، ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻥ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﻗﺪ اﺣﺘﻮﻯ اﻟﻤﻌﺴﻜﺮ اﻟﻨﺼﺮاﻧﻲ ،
.. ﺗﺮﻙ ألفونسو ﻣﻄﺎﺭﺩﺓ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ ، ﻭاﺭﺗﺪ ﻣﻦ ﻓﻮﺭﻩ ﻟﻴﻨﻘﺬ ﻣﺤﻠﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻬﻼﻙ ، ﻭﻟﻴﺴﺘﺮﺩ ﻣﻌﺴﻜﺮﻩ ، ﻭﻗﺎﺗﻠﻮا اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻲ ﺑﺠﻠﺪ ، ﻭﻛﺎﻥ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﻳﺤﺮﺽ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﺎﺩ ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺼﻔﻮﻑ ﻳﺨﻮﺽ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺫﺭﻭﺓ ﻟﻈﺎﻫﺎ ،
.. ﻗﺘﻠﺖ ﺗﺤﺘﻪ ﺃﻓﺮاﺱ ﺛﻼﺙ ، ﻭﻗﺎﺗﻞ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻗﺘﺎﻝ ﻣﻦ ﻳﻄﻠﺐ اﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﻳﺘﻤﻨﻰ اﻟﻤﻮﺕ .
ﻭﺩاﻡ اﻟﻘﺘﺎﻝ ﺑﻀﻊ ﺳﺎﻋﺎﺕ ، ﻭﺳﻘﻄﺖ ﺃﻟﻮﻑ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻭﻗﺪ ﺣﺼﺪﺗﻬﻢ ﺳﻴﻮﻑ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ، ﻭﺑﺪﺃﺕ ﻃﻼﺋﻊ اﻟﻤﻮﻗﻌﺔ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻝ اﻟﻈﻼﻡ ، ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻆ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﻭاﺑﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻋﻨﺪ اﺭﺗﺪاﺩﻫﻤﺎ ﻓﻲ اﺗﺠﺎﻩ ﺑﻄﻠﻴﻮﺱ ﺃﻥ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻗﺪ ﻛﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﻄﺎﺭﺩﺓ ﻓﺠﺄﺓ ،
.. ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ اﻟﻨﺼﺮ ﻗﺪ ﻣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ، ﻓﺠﻤﻌﺎ ﻗﻮاﺗﻬﻤﺎ ﻭﻫﺮﻭﻻ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﻴﺪاﻥ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ، ﻭ ﺃﺻﺒﺢ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻭﺟﻴﺸﻪ ﺑﻴﻦ ﻣﻄﺮﻗﺔ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﻭﺳﻨﺪاﻥ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ .
ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﻀﺮﺑﺔ اﻷﺧﻴﺮﺓ ﺃﻥ ﺩﻓﻊ ﻳﻮﺳﻒ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﺑﺤﺮﺳﻪ ﻭﻗﻮاﻣﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺁﻻﻑ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺐ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ، ﻭاﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻠﻚ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻭﺃﻥ ﻳﻄﻌﻨﻪ ﺑﺨﻨﺠﺮ ﻓﻲ ﻓﺨﺬﻩ ﻃﻌﻨﺔ ﻧﺎﻓﺬﺓ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻗﺪ ﺃﺷﺮﻓﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﻴﺐ ،
.. ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻭﻗﺎﺩﺗﻪ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻮاﺟﻬﻮﻥ اﻟﻤﻮﺕ ، ﻭﻟﻤﺎ ﺟﻦ اﻟﻠﻴﻞ ﺑﺎﺩﺭ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﻓﻲ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ ﺻﺤﺒﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﺘﺮاﺟﻊ ﻭاﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﺑﺘﻞ ﻗﺮﻳﺐ ، ﻭﻟﻤﺎ ﺣﻞ اﻟﻠﻴﻞ اﻧﺤﺪﺭ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺢ اﻟﻈﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﻮﺭﻳﺔ .
.. ﻟﻢ ﻳﻨﺞ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ النصارى ﻣﻊ ﻣﻠﻜﻬﻢ ﺳﻮﻯ ﺃﺭﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﺃﻭ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻓﺎﺭﺱ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﺟﺮﺣﻰ ،
ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻘﺬ اﻟﺒﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ ﺃﻟﻔﻮﻧﺴﻮ ﺳﻮﻯ ﺣﻠﻮﻝ اﻟﻈﻼﻡ ﺣﻴﺚ ﺃﻣﺮ اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﺑﻮﻗﻒ اﻟﻤﻄﺎﺭﺩﺓ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﺳﻮﻯ ﻣﺎﺋﺔ ﻓﺎﺭﺱ ﻓﻘﻂ .
ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ 12 ﺭﺟﺐ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 479ﻫـ ،
ﻭﻗﻀﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻟﻴﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻘﺘﺎﻝ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﺃﻧﺎﺷﻴﺪ اﻟﻨﺼﺮ ﺷﻜﺮا ﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ،
ﻓﻠﻤﺎ ﺑﺰﻍ اﻟﻔﺠﺮ ﺃﺩﻭا ﺻﻼﺓ اﻟﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﺳﻬﻞ اﻟﺰﻻﻗﺔ ، ﺛﻢ ﺣﺸﺪﻭا ﺟﻤﻮﻉ اﻷﺳﺮﻯ ، ﻭﺟﻤﻌﻮا اﻷﺳﻼﺏ ﻭاﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ،
وقتل في هذه المعركة من النصارى أكثر من عشرين ألفاً.
ﻭﺫاﻉ ﺧﺒﺮ اﻟﻨﺼﺮ ﻭﻗﺮﺋﺖ اﻟﺒﺸﺮﻯ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻭﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﺑﺮ ، ﻭﻏﻨﻢ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ اﻣﺘﺪﺕ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻗﺮﻭﻥ ﺃﺧﺮﻯ .
سميت في التاريخ بمعركة الزلاقة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox