ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺃﻋﻠﻦ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻭﺭﺑﺎﻥ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻗﺮﺭ اﻟﺨﺮﻭﺝ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﻚ ﺻﻠﻴﺒﺎ ﻣﻦ ﻗﻤﺎﺵ ﺃﺣﻤﺮ ﻟﻴﻀﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ؛(صدره) ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺩﻳﻨﻴﺔ اﻟﺤﻤﻠﺔ، ﻭﻧﺒﻞ اﻟﻤﻘﺼﺪ..
.. ﻫﺪﺩ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﺄﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﺮﺭ اﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻭﻳﺤﻤﻞ ﺷﺎﺭﺓ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﺛﻢ ﻳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺨﺮﻭﺝ ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻌﺎﻗﺐ ﺑﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺤﺮﻣﺎﻥ؛
.. ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺠﻨﺐ ﺧﻄﻮﺭﺓ اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ اﻟﻄﺎﺭﺋﺔ اﻟﺘﻲ ربما تفتر بعد ذلك.. وحتى ﻳﺒﻨﻲ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻗﺎﻡ ﺻﺤﻴﺤﺔ.
.. ﺑﻄﺮﺱ اﻟﻨﺎﺳﻚ شخصية محورية في الحروب الصليبية عينه أوربان ليحمس الناس ويجمع المقاتلين ،ﻟﻐﺰﻭ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ،
.. ﺑﻄﺮﺱ اﻟﻨﺎﺳﻚ.. ﻣﻮﻫﻮب ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎﺑﺔ، ﻳﻠﺒﺲ اﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﺮﺛﺔ، ﻭﻳﻤﺸﻲ ﺣﺎﻓﻲ اﻟﻘﺪﻣﻴﻦ، ﻭﻳﺮﻛﺐ ﺣﻤﺎﺭا ﺃﻋﺮجاً،
ﻓﺄﺧﺬ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ اﻟﺠﺪﻳﺔ.. ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻌﻞ اﻟﺴﺤﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺱ، اﺳﺘﻄﺎﻉ ﻓﻲ ﺷﻬﻮﺭ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻒ ﺭﺟﻞ، ﻏﻴﺮ ﻧﺴﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﻃﻔﺎﻟﻬﻢ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻞ ﻣﻦ اﻧﻀﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻮاﻡ اﻟﻨﺎﺱ اﻟﻔﻘﺮاء، ﻭﻣﻦ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ اﻟﺨﺎﺭﺟﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻛﻤﺎ اﻧﻀﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﺪﺩ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﻭﺃﻣﺮاء اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺎﺕ. ﻭﻋﺮﻓﺖ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺑﻄﺮﺱ اﻟﻨﺎﺳﻚ ﺑﺤﻤﻠﺔ اﻟﺮﻋﺎﻉ ﺃﻭ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ..
.. الراهب (ﻭاﻟﺘﺮ) ﻭﻳﻠﻘﺐ (والتر المفلس) ، ﻭاﺳﺘﻄﺎﻉ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﻋﺪﺩا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻄﻮﻋﻴﻦ اﻟﺮاﻏﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺬﻫﺎﺏ ﻣﻊ اﻟﺤﻤﻠﺔ.
... حدد البابا أوربان اﻟﻤﻮﻋﺪ ﻓﻜﺎﻥ (23 ﺷﻌﺒﺎﻥ ﺳﻨﺔ 489ﻫـ) 15 ﻣﻦ ﺃﻏﺴﻄﺲ ﺳﻨﺔ 1096ﻣ،
.. اﻟﻤﻜﺎﻥ.. اﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ..
.. اﻟﻄﺮﻳﻖ إلى القسطنطينية يأخذ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ وهي ﺁﺧﺮ ﻣﺤﻄﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻗﺒﻞ ﺩﺧﻮﻝ اﻷﺭاﺿﻲ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺁﺳﻴﺎ اﻟﺼﻐﺮﻯ.. ثم ينتقلون منها إلى فلسطين..
.. ﺭﻳﻤﻮﻥ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاء الذين حاربوا المسلمين قبل ﺫﻟﻚ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ.. ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻜﻔﺎءﺓ ﻟﻘﻴﺎﺩﺓ اﻟﺠﻴﻮﺵ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ
...اﺳﺘﻐﻞ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺣﻤﺎﺳﺘﻪ ليخرج الناس إلى الحرب.. وله دور فيما سيأتي لاحقاً..
.. ﻣﻴﻨﺎء ﺟﻨﻮﺓ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ طلب منهم البابا الاستعانة ﺑﺄﺳﻄﻮﻝ ﺑﺤﺮﻱ ﻳﺴﻬﻞ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ،
.. اﺳﺘﺠﺎﺏ اﻟﺠﻨﻮﻳﻮﻥ ﻟﻨﺪاء اﻟﺒﺎﺑﺎ، ﻭﺃﻋﺪﻭا اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ، ﻭﻧﺎﻗﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﻠﺠﻨﻮﺩ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻣﺘﻴﺎﺯاﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ اﻟﺸﺎﻡ ﻋﻨﺪ اﺣﺘﻼﻟﻬﺎ.
وقبل أن نبدأ المعركة لابد من أن نعرف اﻟﺒﻮاﻋﺚ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ.
ﺃﻭﻻ: اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻟﺪﻳﻨﻲ:
.. ﺃﺣﺪ اﻟﺪﻋﺎﻣﺎﺕ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﻤﻠﺔ، وﻟﻢ ﻳﻜﻦ هو اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﻮﺣﻴﺪ..
فاﻟﺤﺮﺏ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﺳﻼﻡ ﻭبين ﻣﻦ ﻳﺮﻓﻀﻪ، ﻭﻟﻦ ﻳﻘﻨﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻣﻊ اﻹﺳﻼﻡ حتى وﻟﻮ ﻣﺪ اﻹﺳﻼﻡ ﻳﺪﻩ ﺑﺎﻟﺘﺼﺎﻓﺢ ﻭاﻟﺘﺤﺎﺏ؛
لم يكن ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎ ﺃﻥ ﻳﺴﻌﻰ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻭﺭﺑﺎﻥ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﺤﺮﺏ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺒﺮﺭاﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﺮﺏ، ﻓﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﻫﺬا ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫاﺗﻪ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺣﺮﺑﻬﻢ.
ﻭﻗﺪ ﺗﻜﺮﺭﺕ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﻌﺪﻡ اﻋﺘﺮاﻓﻪ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺃﺻﻼ، ﻛﺈﻃﻼﻕ ﻟﻔﻆ اﻟﻜﻔﺎﺭ ﺃﻭ اﻟﻮﺛﻨﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭاﺿﺢ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺎﺑﺎ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻭاﺿﺢ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺴﺎﻭﺳﺔ ﻭاﻟﺮﻫﺒﺎﻥ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻭاﺿﺢ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺮاء ﻭاﻟﻘﻮاﺩ.
ادعى اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﻀﻄﻬﺪﻭﻥ اﻟﺤﺠﺎﺝ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ، وﻫﺬا اﻻﺩﻋﺎء ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺇﻻ ﻟﻻﺳﺘﻬﻼﻙ اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻓﻘﻂ، ﻭﻟﺘﺤﻤﻴﺲ اﻟﺠﻴﻮﺵ ﻭاﻟﺸﻌﻮﺏ اﻟﻨﺼﺮاﻧﻴﺔ؛
ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﺑﺪا ﺃﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﺿﻄﻬﺪﻭا اﻟﺤﺠﺎﺝ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﻛﺒﺎﺭ اﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ اﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ ﺃﻥ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎﻡ ﺗﻤﺘﻌﻮا ﺑﻘﺴﻂ ﻭاﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺤﻜﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﻜﻨﺎﺋﺴﻬﻢ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺘﺸﻴﻴﺪ ﻛﻨﺎﺋﺲ ﻭﺃﺩﻳﺮﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﺟﻤﻌﻮا ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺎﺗﻬﺎ ﻛﺘﺒﺎ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ..
وقالوا أيضاً "ﺇﻥ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺧﻀﻌﻮا ﻟﺤﻜﻢ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ ﺻﺎﺭﻭا ﺃﺳﻌﺪ ﺣﺎﻻ ﻣﻦ ﺇﺧﻮاﻧﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮﺭﻳﺔ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺫاﺗﻬﺎ". وغيرها من الكتابات الغربية..
لذا كان ﻛﻼﻡ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻭﺭﺑﺎﻥ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻦ اﺿﻄﻬﺎﺩ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻠﺤﺠﺎﺝ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻓﺮﻳﺔ ﻻ ﺃﺻﻞ ﻟﻬﺎ، ﻭﺗﻐﻄﻴﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻭاﻓﻊ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺭاء ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ.
.. إذاً ﻛﺎﻥ اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩا، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﻮﺣﻴﺪ، ﺑﻞ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻀﺨﻢ ﻛﺜﻴﺮا؛ ﻓﻌﻤﻮﻡ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﺷﺎﺭﺓ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺘﺎﻓﻬﻢ، ﻭﻳﺪﻋﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ اﻟﻤﻐﻔﺮﺓ!!
ﺛﺎﻧﻴﺎ: اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ:
.. ﻣﻦ ﺃﻫﻢ اﻟﺒﻮاﻋﺚ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺠﻤﻮﻉ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺧﺮﺟﺖ ﻹﺣﺒﺎﻃﻬﺎ اﻟﺘﺎﻡ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻗﺴﻂ ﻣﻦ ﺭﻏﺪ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺑﺎ، ﻓﺨﺮﺟﻮا ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻭﻫﻢ ﻟﻦ ﻳﺨﺴﺮﻭا ﺷﻴﺌﺎ، ﻓﺤﺘﻰ اﻟﻤﻮﺕ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﺗﺤﺖ ﻧﻴﺮ اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﻴﻦ ﻭاﻟﻤﻠﻮﻙ.
.. اﻷﻣﺮاء اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﻮﻥ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﻮا ﺇﻻ ﺑﻐﻴﺔ اﻟﺜﺮاء ﻭاﻟﺘﻤﻠﻚ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮﺏ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮاء ﺃﻭﺭﺑﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ اﺳﺘﺤﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺑﺎ؛
.. اﻟﻘﺎﻧﻮﻥ اﻷﻭﺭﺑﻲ ﺁﻧﺬاﻙ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻨﻊ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻤﻴﺮاﺙ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻷﺑﻨﺎء، ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﻘﻞ اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻻﺑﻦ اﻷﻛﺒﺮ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ اﻷﺏ اﻷﻣﻴﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺘﻔﺘﺖ اﻟﺜﺮﻭﺓ ﻭﺗﻘﻞ اﻷﺭﺽ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺴﻘﻂ اﻟﻬﻴﺒﺔ ﻭاﻟﻜﻠﻤﺔ.
.. المقابل السخي الذي سيأخذه ﺗﺠﺎﺭ اﻟﻤﻮاﻧﺊ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ، واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﺭ ﺃﻭﺭﺑﺎ لمشاركتهم في هذه الحرب.
ﺛﺎﻟﺜﺎ: اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ:
.. كان ﺑﺎﻋﺜﺎ ﺭﺋﻴﺴﻴﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻭﺭﺑﺎﻥ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﻠﻮﻙ ﺃﻭﺭﺑﺎ،
.. رأى ﻣﻠﻮﻙ ﺃﻭﺭبا ﺃﻥ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺩﺧﻠﺖ ﻃﻮﺭا ﻭاﺿﺤﺎ ﻣﻦ ﺃﻃﻮاﺭ اﻟﻀﻌﻒ، ﻭﻟﻮ ﺳﻘﻄﺖ ﻓﺈﻥ ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎﺏ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻷﻭﺭﺑﺎ ﻟﻘﻮاﺕ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﺳﻮاء ﻣﻦ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﻀﻌﻬﻢ ﺑﻴﻦ ﻓﻜﻲ ﻛﻤﺎﺷﺔ، ﺃﻱ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻕ ﻭاﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ اﻷﻧﺪﻟﺲ؛
لذا لا فرصة لديهم للتباطؤ..
ﺭاﺑﻌﺎ: اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ:
.. ﺭﺃﻯ اﻟﻌﻮاﻡ اﻟﻔﻼﺣﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻧﻈﺎﻡ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻭاﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ اﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ اﻟﻤﺬﻟﺔ؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺧﺮﺝ اﻟﻔﻼﺣﻮﻥ ﺑﻨﺴﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﻭﻻﺩﻫﻢ، ﻭﺣﻤﻠﻮا ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺘﺎﻋﻬﻢ اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﺒﺴﻴﻂ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺧﺮﻭﺟﺎ ﺑﻼ ﻋﻮﺩﺓ، ﻭﺗﻐﻴﻴﺮا ﻛﺎﻣﻼ ﻟﻷﻭﺿﺎﻉ، ﻭﺛﻮﺭﺓ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ اﻟﺘﻌﺎﺳﺔ ﻭاﻻﺳﺘﻐﻼﻝ؛
.. ﺷﺎﺭﻙ ﻫﺆﻻء اﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ ﻓﺮﻳﻖ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ﻭاﻟﺨﺎﺭﺟﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺎﻧﻮﻥ ﺃﺣﻜﺎﻣﺎ ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﻬﺪﺩﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪﻭا اﻟﺨﺮﻭﺝ ﻟﻴﺲ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺣﺴﺐ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻤﺰاﻭﻟﺔ اﻟﺴﻠﺐ ﻭاﻟﻨﻬﺐ ﻭاﻟﻘﺘﻞ ﻭاﻻﻏﺘﺼﺎﺏ ﻛﻤﺎ اﻋﺘﺎﺩﻭا ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ؛ ﻭﻫﺬا ﺳﻴﻌﻄﻲ اﻟﺤﻤﻼﺕ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﺻﺒﻐﺔ ﺇﺟﺮاﻣﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﺎﻫﻠﻬﺎ ﺃﺑﺪا كما سنرى..
تابعونا..
#د_أسامة_محمد
.. ﻫﺪﺩ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﺄﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﺮﺭ اﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻭﻳﺤﻤﻞ ﺷﺎﺭﺓ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﺛﻢ ﻳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺨﺮﻭﺝ ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻌﺎﻗﺐ ﺑﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺤﺮﻣﺎﻥ؛
.. ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺠﻨﺐ ﺧﻄﻮﺭﺓ اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ اﻟﻄﺎﺭﺋﺔ اﻟﺘﻲ ربما تفتر بعد ذلك.. وحتى ﻳﺒﻨﻲ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻗﺎﻡ ﺻﺤﻴﺤﺔ.
.. ﺑﻄﺮﺱ اﻟﻨﺎﺳﻚ شخصية محورية في الحروب الصليبية عينه أوربان ليحمس الناس ويجمع المقاتلين ،ﻟﻐﺰﻭ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ،
.. ﺑﻄﺮﺱ اﻟﻨﺎﺳﻚ.. ﻣﻮﻫﻮب ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎﺑﺔ، ﻳﻠﺒﺲ اﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﺮﺛﺔ، ﻭﻳﻤﺸﻲ ﺣﺎﻓﻲ اﻟﻘﺪﻣﻴﻦ، ﻭﻳﺮﻛﺐ ﺣﻤﺎﺭا ﺃﻋﺮجاً،
ﻓﺄﺧﺬ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ اﻟﺠﺪﻳﺔ.. ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻌﻞ اﻟﺴﺤﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺱ، اﺳﺘﻄﺎﻉ ﻓﻲ ﺷﻬﻮﺭ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻒ ﺭﺟﻞ، ﻏﻴﺮ ﻧﺴﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﻃﻔﺎﻟﻬﻢ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻞ ﻣﻦ اﻧﻀﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻮاﻡ اﻟﻨﺎﺱ اﻟﻔﻘﺮاء، ﻭﻣﻦ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ اﻟﺨﺎﺭﺟﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻛﻤﺎ اﻧﻀﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﺪﺩ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﻭﺃﻣﺮاء اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺎﺕ. ﻭﻋﺮﻓﺖ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺑﻄﺮﺱ اﻟﻨﺎﺳﻚ ﺑﺤﻤﻠﺔ اﻟﺮﻋﺎﻉ ﺃﻭ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ..
.. الراهب (ﻭاﻟﺘﺮ) ﻭﻳﻠﻘﺐ (والتر المفلس) ، ﻭاﺳﺘﻄﺎﻉ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﻋﺪﺩا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻄﻮﻋﻴﻦ اﻟﺮاﻏﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺬﻫﺎﺏ ﻣﻊ اﻟﺤﻤﻠﺔ.
... حدد البابا أوربان اﻟﻤﻮﻋﺪ ﻓﻜﺎﻥ (23 ﺷﻌﺒﺎﻥ ﺳﻨﺔ 489ﻫـ) 15 ﻣﻦ ﺃﻏﺴﻄﺲ ﺳﻨﺔ 1096ﻣ،
.. اﻟﻤﻜﺎﻥ.. اﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ..
.. اﻟﻄﺮﻳﻖ إلى القسطنطينية يأخذ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ وهي ﺁﺧﺮ ﻣﺤﻄﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻗﺒﻞ ﺩﺧﻮﻝ اﻷﺭاﺿﻲ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺁﺳﻴﺎ اﻟﺼﻐﺮﻯ.. ثم ينتقلون منها إلى فلسطين..
.. ﺭﻳﻤﻮﻥ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاء الذين حاربوا المسلمين قبل ﺫﻟﻚ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ.. ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻜﻔﺎءﺓ ﻟﻘﻴﺎﺩﺓ اﻟﺠﻴﻮﺵ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ
...اﺳﺘﻐﻞ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺣﻤﺎﺳﺘﻪ ليخرج الناس إلى الحرب.. وله دور فيما سيأتي لاحقاً..
.. ﻣﻴﻨﺎء ﺟﻨﻮﺓ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ طلب منهم البابا الاستعانة ﺑﺄﺳﻄﻮﻝ ﺑﺤﺮﻱ ﻳﺴﻬﻞ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ،
.. اﺳﺘﺠﺎﺏ اﻟﺠﻨﻮﻳﻮﻥ ﻟﻨﺪاء اﻟﺒﺎﺑﺎ، ﻭﺃﻋﺪﻭا اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ، ﻭﻧﺎﻗﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﻠﺠﻨﻮﺩ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻣﺘﻴﺎﺯاﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ اﻟﺸﺎﻡ ﻋﻨﺪ اﺣﺘﻼﻟﻬﺎ.
وقبل أن نبدأ المعركة لابد من أن نعرف اﻟﺒﻮاﻋﺚ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ.
ﺃﻭﻻ: اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻟﺪﻳﻨﻲ:
.. ﺃﺣﺪ اﻟﺪﻋﺎﻣﺎﺕ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﻤﻠﺔ، وﻟﻢ ﻳﻜﻦ هو اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﻮﺣﻴﺪ..
فاﻟﺤﺮﺏ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﺳﻼﻡ ﻭبين ﻣﻦ ﻳﺮﻓﻀﻪ، ﻭﻟﻦ ﻳﻘﻨﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻣﻊ اﻹﺳﻼﻡ حتى وﻟﻮ ﻣﺪ اﻹﺳﻼﻡ ﻳﺪﻩ ﺑﺎﻟﺘﺼﺎﻓﺢ ﻭاﻟﺘﺤﺎﺏ؛
لم يكن ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎ ﺃﻥ ﻳﺴﻌﻰ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻭﺭﺑﺎﻥ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﺤﺮﺏ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺒﺮﺭاﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﺮﺏ، ﻓﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﻫﺬا ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫاﺗﻪ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺣﺮﺑﻬﻢ.
ﻭﻗﺪ ﺗﻜﺮﺭﺕ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﻌﺪﻡ اﻋﺘﺮاﻓﻪ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺃﺻﻼ، ﻛﺈﻃﻼﻕ ﻟﻔﻆ اﻟﻜﻔﺎﺭ ﺃﻭ اﻟﻮﺛﻨﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭاﺿﺢ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺎﺑﺎ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻭاﺿﺢ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺴﺎﻭﺳﺔ ﻭاﻟﺮﻫﺒﺎﻥ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻭاﺿﺢ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺮاء ﻭاﻟﻘﻮاﺩ.
ادعى اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﻀﻄﻬﺪﻭﻥ اﻟﺤﺠﺎﺝ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ، وﻫﺬا اﻻﺩﻋﺎء ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺇﻻ ﻟﻻﺳﺘﻬﻼﻙ اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻓﻘﻂ، ﻭﻟﺘﺤﻤﻴﺲ اﻟﺠﻴﻮﺵ ﻭاﻟﺸﻌﻮﺏ اﻟﻨﺼﺮاﻧﻴﺔ؛
ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﺑﺪا ﺃﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﺿﻄﻬﺪﻭا اﻟﺤﺠﺎﺝ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﻛﺒﺎﺭ اﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ اﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ ﺃﻥ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎﻡ ﺗﻤﺘﻌﻮا ﺑﻘﺴﻂ ﻭاﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺤﻜﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﻜﻨﺎﺋﺴﻬﻢ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺘﺸﻴﻴﺪ ﻛﻨﺎﺋﺲ ﻭﺃﺩﻳﺮﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﺟﻤﻌﻮا ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺎﺗﻬﺎ ﻛﺘﺒﺎ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ..
وقالوا أيضاً "ﺇﻥ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺧﻀﻌﻮا ﻟﺤﻜﻢ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ ﺻﺎﺭﻭا ﺃﺳﻌﺪ ﺣﺎﻻ ﻣﻦ ﺇﺧﻮاﻧﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮﺭﻳﺔ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺫاﺗﻬﺎ". وغيرها من الكتابات الغربية..
لذا كان ﻛﻼﻡ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻭﺭﺑﺎﻥ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻦ اﺿﻄﻬﺎﺩ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻠﺤﺠﺎﺝ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻓﺮﻳﺔ ﻻ ﺃﺻﻞ ﻟﻬﺎ، ﻭﺗﻐﻄﻴﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻭاﻓﻊ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺭاء ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ.
.. إذاً ﻛﺎﻥ اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩا، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﻮﺣﻴﺪ، ﺑﻞ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻀﺨﻢ ﻛﺜﻴﺮا؛ ﻓﻌﻤﻮﻡ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﺷﺎﺭﺓ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺘﺎﻓﻬﻢ، ﻭﻳﺪﻋﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ اﻟﻤﻐﻔﺮﺓ!!
ﺛﺎﻧﻴﺎ: اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ:
.. ﻣﻦ ﺃﻫﻢ اﻟﺒﻮاﻋﺚ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺠﻤﻮﻉ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺧﺮﺟﺖ ﻹﺣﺒﺎﻃﻬﺎ اﻟﺘﺎﻡ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻗﺴﻂ ﻣﻦ ﺭﻏﺪ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺑﺎ، ﻓﺨﺮﺟﻮا ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻭﻫﻢ ﻟﻦ ﻳﺨﺴﺮﻭا ﺷﻴﺌﺎ، ﻓﺤﺘﻰ اﻟﻤﻮﺕ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﺗﺤﺖ ﻧﻴﺮ اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﻴﻦ ﻭاﻟﻤﻠﻮﻙ.
.. اﻷﻣﺮاء اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﻮﻥ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﻮا ﺇﻻ ﺑﻐﻴﺔ اﻟﺜﺮاء ﻭاﻟﺘﻤﻠﻚ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮﺏ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮاء ﺃﻭﺭﺑﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ اﺳﺘﺤﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺑﺎ؛
.. اﻟﻘﺎﻧﻮﻥ اﻷﻭﺭﺑﻲ ﺁﻧﺬاﻙ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻨﻊ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻤﻴﺮاﺙ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻷﺑﻨﺎء، ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﻘﻞ اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻻﺑﻦ اﻷﻛﺒﺮ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ اﻷﺏ اﻷﻣﻴﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺘﻔﺘﺖ اﻟﺜﺮﻭﺓ ﻭﺗﻘﻞ اﻷﺭﺽ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺴﻘﻂ اﻟﻬﻴﺒﺔ ﻭاﻟﻜﻠﻤﺔ.
.. المقابل السخي الذي سيأخذه ﺗﺠﺎﺭ اﻟﻤﻮاﻧﺊ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ، واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﺭ ﺃﻭﺭﺑﺎ لمشاركتهم في هذه الحرب.
ﺛﺎﻟﺜﺎ: اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ:
.. كان ﺑﺎﻋﺜﺎ ﺭﺋﻴﺴﻴﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺃﻭﺭﺑﺎﻥ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﻠﻮﻙ ﺃﻭﺭﺑﺎ،
.. رأى ﻣﻠﻮﻙ ﺃﻭﺭبا ﺃﻥ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺩﺧﻠﺖ ﻃﻮﺭا ﻭاﺿﺤﺎ ﻣﻦ ﺃﻃﻮاﺭ اﻟﻀﻌﻒ، ﻭﻟﻮ ﺳﻘﻄﺖ ﻓﺈﻥ ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎﺏ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻷﻭﺭﺑﺎ ﻟﻘﻮاﺕ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﺳﻮاء ﻣﻦ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﻀﻌﻬﻢ ﺑﻴﻦ ﻓﻜﻲ ﻛﻤﺎﺷﺔ، ﺃﻱ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻕ ﻭاﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ اﻷﻧﺪﻟﺲ؛
لذا لا فرصة لديهم للتباطؤ..
ﺭاﺑﻌﺎ: اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ:
.. ﺭﺃﻯ اﻟﻌﻮاﻡ اﻟﻔﻼﺣﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻧﻈﺎﻡ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻭاﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ اﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ اﻟﻤﺬﻟﺔ؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺧﺮﺝ اﻟﻔﻼﺣﻮﻥ ﺑﻨﺴﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﻭﻻﺩﻫﻢ، ﻭﺣﻤﻠﻮا ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺘﺎﻋﻬﻢ اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﺒﺴﻴﻂ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺧﺮﻭﺟﺎ ﺑﻼ ﻋﻮﺩﺓ، ﻭﺗﻐﻴﻴﺮا ﻛﺎﻣﻼ ﻟﻷﻭﺿﺎﻉ، ﻭﺛﻮﺭﺓ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ اﻟﺘﻌﺎﺳﺔ ﻭاﻻﺳﺘﻐﻼﻝ؛
.. ﺷﺎﺭﻙ ﻫﺆﻻء اﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ ﻓﺮﻳﻖ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ﻭاﻟﺨﺎﺭﺟﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺎﻧﻮﻥ ﺃﺣﻜﺎﻣﺎ ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﻬﺪﺩﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪﻭا اﻟﺨﺮﻭﺝ ﻟﻴﺲ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺣﺴﺐ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻤﺰاﻭﻟﺔ اﻟﺴﻠﺐ ﻭاﻟﻨﻬﺐ ﻭاﻟﻘﺘﻞ ﻭاﻻﻏﺘﺼﺎﺏ ﻛﻤﺎ اﻋﺘﺎﺩﻭا ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ؛ ﻭﻫﺬا ﺳﻴﻌﻄﻲ اﻟﺤﻤﻼﺕ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﺻﺒﻐﺔ ﺇﺟﺮاﻣﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﺎﻫﻠﻬﺎ ﺃﺑﺪا كما سنرى..
تابعونا..
#د_أسامة_محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق